أحدهما على الاخر نعم هنا تقريب أو تقريبان يستفاد من كلام المحقق الهمداني في مصباحه وقد سبقه الشيخ الأعظم، وحاصله ان مقتضى القواعد اللفظية سببية كل شرط للجزاء مستقلا، ومقتضاه تعدد اشتغال الذمة بفعل الجزاء، ولا يعقل تعدد الاشتغال الا مع تعدد المشتغل به، فان السبب الأول سبب تام في اشتغال ذمة المكلف بايجاد الجزاء والسبب الثاني ان اثر ثانيا وجب أن يكون اثره اشتغالا آخر، لان تأثير المتأخر في المتقدم غير معقول، وتعدد الاشتغال مع وحدة الفعل المشتغل به ذاتا ووجودا غير معقول، وان لم يؤثر يجب ان يستند اما إلى فقد المقتضى أو وجود المانع والكل منتف لان ظاهر القضية الشرطية سببية الشرط مطلقا والمحل قابل للتأثير والمكلف قادر على الامتثال فأي مانع من التنجز وأيضا ليس حال الأسباب الشرعية الا كالأسباب العقلية فكما انه يجب تحقق الطبيعة في ضمن فردين على تقدير تكرر علة وجودها وقابليتها للتكرار، فكذا يتعدد اشتغال الذمة بتعدد أسبابه (انتهى) وقد أفاد شيخنا العلامة قدس سره قريبا مما ذكره، في أواخر عمره بعد ما كان بانيا على التداخل سالفا، وقد مضى شطر منه في مبحث التوصلي والتعبدي فراجع (أقول) وفيه ان كلا من الظهورين مقتض لمدلوله ومانع عن صحة الاحتجاج بالآخر، وبه يظهر ضعف قوله إن عدم الاشتغال اما لعدم المقتضى أو لوجود المانع وكل منتف، إذ لنا ان نقول إن المانع موجود وهو اطلاق الجزاء المعارض مع اطلاق الشرط والدليل على تعدد الاشتغال والمشتغل به ليس الا الاطلاق وهو معارض لمثله (فان قلت) ان تقييد الجزاء انما نشاء من حكم العقل بعد استفادة السببية التامة من الدليل، فاطلاق السبب منضما إلى حكم العقل بان تعدد المؤثر يستلزم تعدد الأثر بيان للجزاء، ومعه لا مجال للتمسك باطلاقه، وليس المقام من قبيل تحكيم أحد الظاهرين على الاخر حتى يطالب بالدليل بل لان وجوب الجزاء بالسبب الثاني يتوقف على اطلاق سببيته، ومعه يمتنع اطلاق الجزاء بحكم العقل فوجوبه ملزوم لعدم اطلاقه (قلت) قد نبه بذلك المحقق المزبور في خلال كلماته دفعا للاشكال الذي أوردناه وهو ان المانع موجود وهو اطلاق الجزاء، وأنت خبير بأنه غير مفيد فإنه مع اعترافه بان وجوب الجزاء بالسبب الثاني انما هو بالاطلاق لا بالدلالة اللغوية فأي معنى لتحكيم أحد
(٣٥٣)