الخارجية ربما تورث له ارتكازا وفطرة، فإذا خوطب بخطابين ظاهرهما كون الموضوع فيه من قبيل العلل والأسباب، فلا محالة ينتقل منه إلى أن كل واحد يقتضى مسببا غير ما يقتضيه الاخر قياسا لها بالتكوين بل العرف غير فارق بينهما الا بعد التنبيه والتذكار فإذا قيل للعرف الساذج بان وقوع الفارة في البئر يوجب نزح عدة دلاء معينة، و كذا الهرة، ينتقل بفطرته إلى أن لوقوع الفارة مثلا في البئر تناسبا لنزح سبع دلاء، و لوقوع الهرة فيها مناسبة كذلك، وان الامر انما تعلق به لأجل التناسب بينهما والا كان جزافا، وإلى ان لوقوع كل منهما اقتضاء خاصا بها، وارتباطا مستقلا لا يكون في الأخرى و هو يوجب تعدد وجوب نزح المقدار أو استحبابه، وهذا يوجب تحكيم ظهور الشرطية على اطلاق الجزاء واما ما أبطلناه من مقايسة التشريع بالتكوين فإنما هو ببرهان عقلي لا يقف عليه العرف الساذج، ولكن هذا الارتكاز وإن كان غير صحيح الا انه ربما يصير منشأ للظهور العرفي، ويوجب تحكيم ظهور الشرط على ظهور الجزاء فلابد من اتباعه، فإنه المحكم في تلكم المواضع هذا كله راجع إلى المقدمة الأولى أعني فرض استقلال كل شرط في التأثير، و لكنها وحدها لا تفيد شيئا بل لابد من اثبات المقدمة الثانية وهى ان اثر الثاني غير اثر الأول، ولقائل ان يمنع هذه المقدمة لان غاية ما تلزم من الأولى من استقلالهما في التأثير هي ان الوجوب الآتي من قبل النوم، غير الآتي من قبل الاخر، وذلك لا يوجب الا تعدد الوجوب لا تعدد الواجب بل يمكن ان يستكشف من وحدة المتعلق كون ثانيهما تأكيد للأول، ولا يوجب التأكيد استعمال اللفظ في غير معناه لان معنى وضع الامر للوجوب هو وضعها لإيجاد بعث ناش من الإرادة الحتمية، والأوامر التأكيدية كلها مستعملة كذلك، ضرورة ان التأكيد انما يؤتى به في الأمور الهامة التي لا يكتفى فيها بأمر واحد (و ح) فكل بعث، ناش من الإرادة الأكيدة، ولا معنى للتأكيد الا ذلك لا ان الثاني مستعمل في عنوان التأكيد أو في الاستحباب أو الارشاد أو غير ذلك فإنها لا ترجع إلى محصل بل التأكيد لا يمكن الا أن يكون المؤكد من سنخ المؤكد فلابد أن يكون البعثان ناشأين من الإرادة الأكيدة لغرض الانبعاث حتى ينتزع التأكيد من الثاني وبعبارة ثانية ان الأسباب الشرعية علل للأحكام لا لافعال المكلفين فتعددها لا يوجب الا تعدد المعلول وهو الوجوب مثلا، فيستنتج التأكيد ومع حمل الامر على التأكيد
(٣٥٥)