كان بلحاظ الإرادة الحتمية أو المصلحة الملزمة في الوجوب وعدمهما في الندب فمن البين ان ذلك من مبادئ الاستعمال وهو مقدم بالطبع على الاستعمال وإن كان بلحاظ حتمية الطاعة أو عدمها فمع الواضح انهما منتزعتان بعد الاستعمال فلا يعقل الاستعمال فيهما على جميع الأقوال (لكن) بعد اللتيا والتي لا اشكال في حكم العقلاء كافة على تمامية الحجة على العبد مع صدور البعث من المولى بأي دال كان، وقطع عذره وعدم قبوله باحتمال نقض الإرادة وعدم حتمية البعث وغير ذلك.
ولا ريب في حكمهم بلزوم إطاعة الأوامر الصادرة من المولى من غير توجه إلى التشكيك العلمي من احتمال كونه صادرا عن الإرادة غير الحتمية، أو ناشئا عن المصلحة غير الملزمة، وليس ذلك لدلالة لفظية أو لجهة الانصراف، أو لاقتضاء مقدمات الحكمة، أو لكشفه عن الإرادة الحتمية، بل لبناء منهم على أن بعث المولى لا يترك بغير جواب كما لا يترك باحتمال الندب، فتمام الموضوع لحكمهم بوجوب الطاعة هو نفس البعث ما لم يرد فيه الترخيص (هذا) من غير فرق بين ما دل على الاغراء والبعث، سواء كان الدلالة بآلة الهيئة أو بإشارة من يده أو رأسه، فالاغراء بأي دال كان هو تمام الموضوع لحكم العقلاء بتمامية الحجة الا ان يدل دليل على الترخيص ولعل ذلك منظور شيخنا العلامة أعلى الله مقامه إذا أحطت خبرا بما ذكرنا من أن تمام الموضوع لحكم العقلاء هو نفس البعث من غير فرق بين الدوال، يتضح لك ان الجمل الخبرية المستعملة في مقام البعث والاغراء كالهيئات في حكم العقلاء بلزوم اطاعتها، (نعم) الكلام كله في كيفية دلالتها على البعث، وما ذكرنا سابقا في تحقيق معنى المجاز وانه استعمال فيما وضع له بجعله عبرة إلى المقصود يوضح كيفية دلالتها فالجمل الخبرية مستعملة في معانيها الاخبارية بدعوى تحققها من المخاطب وانه يقوم به من غير احتياج إلى الامر، بل فطرته السليمة ورشده في حيازة المصالح تبعثه إليه بلا دعوة داع، فقول الوالد لولده ولدى يصلى، أو يحفظ مقام أبيه، لا يريد منها الا الامر لكن بلسان الاخبار عن وقوعه وصدوره عنه بلا طلب من والده بل بحكم عقله ورشده وتمييزه