وقد مضى ان القيود في المحاورات العرفية والعلمية راجعة كثيرا إلى النسب والروابط وان تقييدها والاخبار عنها وبها لا يمكن استقلالا الا انه يمكن تبعا فراجع (ثم) ان هنا وجها خامسا للامتناع الذاتي وملخص ما أفيد بطوله: انه يلزم منه التهافت في اللحاظ، والتناقض في العلم لان موضوع الحكم متقدم عليه في اللحاظ، وقصد الامر متأخر عنه في اللحاظ، كما أنه متأخر عنه في الوجود فيكون متأخرا عن موضوع الامر برتبتين، فإذا اخذه جزءا من موضوع الامر أو قيدا فيه لزم أن يكون الشئ الواحد في اللحاظ الواحد متقدما في اللحاظ ومتأخرا فيه، وهو في نفسه غير معقول وجدانا اما للخلف أو لغيره (ثم) ان هذا الاشكال غير الدور والتناقض في المعلوم والملحوظ بل يرجع إلى لزوم التهافت والتناقض في اللحاظ والعلم (انتهى) ولعمر الحق انه لا ينبغي ان يجعل في عداد الاشكالات، فضلا عن جعله من البراهين القاطعة، (اما أولا) إذ اللحاظ والعلم في المقام ونظائره لم يؤخذا موضوعيا حتى يثبت له حكم ويقال انه بنفسه متهافت مع غيره، بل اخذ طريقا إلى ملحوظه ومرآة إلى معلومه، فاذن يكون ملاك التهافت المفروض في الملحوظ بما هو ملحوظ دون نفس اللحاظ و (اما ثانيا) بعد ما كان مورد التهافت هو الملحوظ نقول: انا لا نتصور أن يكون شئ أوجب ذلك التناقض سوى تقييد الموضوع بما يأتي من قبل الامر فيرجع الكلام إلى أن لحاظ الشيئين المترتبين في الوجود في رتبة واحدة، موجب للتهافت في اللحاظ والتناقض في العلم، وقد عرفت تقريره من الوجوه السابقة وأجوبتها (واما القول الثاني) أعني امتناع اخذه في المتعلق امتناعا بالغير فقد استدل له بوجوه عليلة نشير إلى مهماتها:
(الأول) ان فعلية الحكم الكذائي تستلزم الدور لان فعلية الحكم تتوقف على فعلية موضوعه أي متعلقات متعلق التكليف، ضرورة انه ما لم تكن القبلة متحققه لا يمكن التكليف الفعلي باستقبالها، وفعلية الموضوع فيما نحن فيه يتوقف على فعلية الحكم فما لم يكن أمر فعلى لا يمكن قصده فإذا كانت فعلية الحكم ممتنعة يصير التكليف ممتنعا بالغير، ضرورة ان التكليف انما هو بلحاظ صيرورته فعليا ليعمل به المكلف.
والجواب انك قد عرفت ان انشاء التكليف على الموضوع المقيد لا يتوقف الا على تصوره، فإذا أنشأ التكليف كذلك يصير الموضوع في الان المتأخر فعليا لان فعليته تتوقف