للبعث بالحمل الشايع أي ما هو مصداق له بالفعل وقائم مقام إشارة المشير، فلا معنى (ح) لتقييد البعث الخارج بالمفهوم أصلا (ولو كان) التقييد بوجود الإرادة الحتمية دون مفهومها ففيه انه يستلزم تقييد المعلول بعلته، إذ البعث معلول للإرادة ولو بمراتب، ولو تقيد البعث بوجوده الخارجي، بوجود الإرادة الحتمية، لزم كون المتقدم متأخرا أو المتأخر متقدما (نعم) هناك تصوير آخر وإن كان يدفع به الاستحالة الا ان التبادر والتفاهم على خلافه، وذلك أنه قد مر في البحث عن معاني الحروف انه لا يمكن تصوير جامع حقيقي بين معانيها من غير فرق بين الحاكيات أو الايجاديات، إذ الجامع الحرفي لابد وأن يكون ربطا بالحمل الشايع والا صار جامعا اسميا، وما هو ربط كذلك يصير أمرا مشخصا لا يقبل الجامعية، (وعليه) وإن كان لا يمكن تصوير جامع حقيقي بين افراد البعث الناشئة عن الإرادة الجدية الا انه لا مانع من تصوير جامع اسمى عرضي بينها كالبعث الناشئ من الإرادة الحتمية، ثم توضع الهيئة بإزاء مصاديقه، من باب عموم الوضع وخصوص الموضوع له من غير تقييد، (هذا) ولكن التفاهم من الهيئة لدى العرف هو البعث والاغراء كإشارة المشير لاغراء، لا البعث الخاص الناشئ عن الإرادة الحتمية فتدبر.
(واما القول) بكون الوجوب مستفادا من انصرافه إلى البعث المنشأ من الإرادة الحتمية، فمما لا ينبغي الاصغاء إليه ء إذا المنشأ الوحيد لذلك هو كثرة استعماله فيه بحيث يوجب استيناس الذهن، وهى مفقودة، وبه يتضح بطلان ما جعلناه قولا رابعا، من دعوى كونه كاشفا عقلائيا عن الإرادة الحتمية، والقدر المسلم كونه كاشفا عن إرادة الامر في الجملة لا عن الإرادة الحتمية، إذ الكشف من غير ملاك غير معقول، وما يتصور هنا من الملاك هي كثرة الاستعمال فيما ادعوه بحيث يندك الطرف الآخر لديه ويحسب من النوادر التي لا يعتنى به العقلاء، الا ان وجدانك شاهد صدق على أن الاستعمال في خلاف الوجوب لا يقصر عنه، لو لم يكن أكثر واما القول بكون الوجوب مقتضى مقدمات الحكمة فقد قربه وقواه بعض محققي العصر. (رحمه الله) على ما في تقريراته بوجهين:
(أحدهما) ما افاده في مادة الامر، ان الطلب الوجوبي هو الطلب التام الذي لاحد له من جهة النقص والضعف بخلاف الاستحبابي فإنه مرتبة من الطلب محدودة بحد النقص والضعف