____________________
الآخر: أي انه مع الاتيان بأحد هذه الواجبات لا يبقى مجال لاستيفاء الغرض من بقيتها. وهذا هو الفرق بين هذا الوجوب التخييري والوجوب التعييني فإنه لا يجوز تركه لأن غرضه لازم الاستيفاء وليس مزاحما بغيره بحيث لو أتى بغيره لا يمكن استيفاؤه ويكون هذا هو الملاك للقول الثالث: وهو ان الواجب التخييري هو وجوب كل منهما مع السقوط بفعل أحدهما فيما إذا كان التخيير بين شيئين، ووجوب كل منها مع السقوط بفعل أحدها إذا كان التخيير بين أشياء، ولا يكتفى بهذا المقدار في إتمام الواجب التخييري، فإنه بهذا البيان وان خرج التخيير العقلي في وجوب الطبيعة الواحدة ذات الافراد لفرض تعدد الاغراض فيتعدد الواجب، إلا ان الغرض في أحدها إذا كان يسقط بفعل الآخر كان الغرض في كل منها لزوميا لفرض كونه غرضا يدعو إلى الوجوب، فاللازم الامر باتيانهما دفعة واحدة لأن الغرض في كل منهما لازم وبإتيان أحدهما منفردا لا يبقى مجال لاستيفاء الغرض من الآخر الذي هو لازم أيضا، فحفظا لتحصيل الغرضين اللازمين ينبغي الامر باتيانهما معا دفعة واحدة، ولا يقول بهذا أحد في الواجبات التخييرية التي يمكن الاتيان بها دفعة واحدة، فينبغي تتميمه بان يقال: ان الغرض في كل واحد منهما غير الغرض من الآخر، ولا يكون بحصول أحدهما يمتنع حصول الغرض من الآخر ولكن هناك مصلحة دعت إلى الاكتفاء بأحدهما، فلا مانع من الاتيان بهما واحدا بعد واحد ولا يجب الامر بهما دفعة واحدة ويجوز الاكتفاء بأحدهما، ويكون مراده من قوله: ((يكون في كل واحد منهما لا يكاد يحصل...)) إلى آخر كلامه انه لا يكاد يحصل الغرض مع التحفظ على المصلحة الداعية إلى الترخيص في ترك الآخر (1).