بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٩
ويؤيد الوجدان، بل يكون من أوضح البرهان، وجود الأوامر الغيرية في الشرعيات والعرفيات، لوضوح أنه لا يكاد يتعلق بمقدمة أمر غيري، إلا إذا كان فيها مناطه، وإذا كان فيها كان في مثلها، فيصح تعلقه به أيضا، لتحقق ملاكه ومناطه، والتفصيل بين السبب وغيره والشرط الشرعي وغيره سيأتي بطلانه، وأنه لا تفاوت في باب الملازمة بين مقدمة ومقدمة.
____________________
(1) لا يخفى ان هذا عمدة الأدلة التي أقيمت على الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته.
وتوضيحه: انه لا ريب في أن من يريد شيئا يجد من نفسه انه يريد مقدماته التي يتوقف عليها وجوده، وهذا ضروري التحقق في مريد الفعل بالمباشرة، وأيضا في مقام الطلب من الغير فان الوجدان شاهد أيضا بان من طلب من عبده وصوله إلى محل يحتاج إلى قطع المسافة فإنه كما يريد منه الوصول إلى المحل المطلوب بالطلب النفسي كذلك يجد من نفسه انه يريد منه الحركة وقطع المسافة إلى ذلك المحل، وحيث إن الحكم لبا هو الإرادة الحقيقية فالحكم الحقيقي موجود وليس بداعي الارشاد، إذ لا معنى له مع كونه إرادة كإرادة المطلوب النفسي قهرية التحقق وليس الارشاد في المقام لازما لحصول الارشاد من طرف عقل المكلف الذي يعلم أن وجود ذي المقدمة متوقف على المقدمة.
والفرق بين الأمر المولوي والارشادي: هو ان الأمر المولوي يصدر بعنوان كونه أمرا صادرا من المولى والسيد لعبده، والامر الارشادي صادر بداعي كونه مرشدا إلى المكلف لا انه مولى له، والحال انا نرى ان المولى المكلف عبده يأمره مولويا فيقول له - بما هو -: مولى ادخل السوق واشتر اللحم، فالامر بدخول السوق الذي هو امر غيري مقدمي كالأمر بشراء اللحم الذي هو نفسي في أن كلا منهما امر مولوي وليس الوجوب الشرعي إلا الأمر المولوي. وقد أشار إلى جميع ما ذكرنا في عبارته وهي واضحة.
(٢٥٩)
مفاتيح البحث: السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 258 259 260 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست