ما يقتضيه وضعه الأولي من الطبيعة المهملة وهو الذي لا يقتضي بنفسه نفي الحكم في غير مورده فلا يكون له مفهوم فالمفهوم حينئذ يحتاج إلى عناية زائدة في القضايا من كونها في مقام تعليق المحمول باطلاقه على موضوعه، فإذا كان كذلك فتحتاج هذه الجهة إلى دال آخر زائد على ما يقتضيه طبع القضية من مثل أداة الشرط أو غاية أو حصر أو توصيف، والا فالعاري عن جميع هذه الأمور كالألقاب ليس [له] مفهوم ولا يكون أحد يدعيه [فيه] الا في مورد قامت قرينة شخصية خارجية ككونه في مقام التحديد وأمثاله. ومن هنا وقع النزاع نفيا واثباتا في الموارد المعهودة المشتملة على خصوصية زائدة عما يقتضيه طبع القضية موضوعا ومحمولا من مثل الأمور المذكورة.
ثم لا يخفى أيضا الجهة الفارقة بين أنحاء الأدوات في كيفية المفهوم، إذ أداة الشرط [لا تقتضي] الا تجريد المحمول من الخصوصية الملازمة لشرطه مع حفظ سائر الخصوصيات فيه. وهذا هو المراد من تعليق سنخه واطلاقه، لأن المراد السنخ من جميع الجهات وسائر الحيثيات واطلاقه كذلك، كما أن المراد من أداة الغاية تجريد المحمول عن الخصوصية الملازمة لغايته مع حفظ بقية الخصوصيات فيه، وهكذا الأمر في أداة الحصر والهيئة التوصيفية.
ولئن شئت توضيح ما ذكرنا فانظر إلى مثل هذا المثال من قوله: إن جاءك زيد قائما إلى يوم الخميس لا يجب اكرامه الا ضاحكا. إذ مقتضى مفهوم الشرط نفي الحكم المزبور المشتمل على سائر خصوصياته عند عدم المجئ الذي هو الشرط، ولازمه حفظ تمام الخصوصيات في طرف المفهوم حتى الوصف والغاية والحصر، كما أن مقتضى مفهوم الغاية أيضا حفظ جميع الخصوصيات في مفهومه حتى الشرط والتوصيف، وهكذا الأمر في طرف التوصيف وأداة الحصر.
وعليه لازم أخذ المفهوم في المثال من جميع جهاته تحقق أنحاء مختلفة في مفهومه من عدم الوجوب ولو ضاحكا عند عدم المجئ، وعدم الوجوب كذلك