من الافراد بنحو التخيير في غير المقام، لأن التخيير المزبور إنما نشأ من عدم ترجيح بين الافراد وتساويها في عالم الايجاد، وأما مع وجود مرجح فعلي ولو تنزيهي فالعقل لا يحكم إلا بترجيح ذي المزية بمقدار مزيته من الكراهة المصطلحة المفروضة في المقام وهو المقصود والمرام، هذا كله فيما له بدل.
وأما فيما لا بدل له - كالصلاة في أوقات مخصوصة - فيمكن دعوى أن الكراهة الفعلية متوجهة فيها إلى ايقاعها في وقت خاص على وجه يكون المبغوض كينونته في الظرف الكذائي مع حفظ المحبوبية في نفس ذاته ولم يكن (1) مأمورا به بأمر فعلي ولو استحبابا لفرض تعلق الكراهية المصطلحة بلازم وجوده بلا احتياج فيها أيضا إلى الالتزام بأقلية الثواب، وإن لم يكن فيه أيضا محذور.
وبالجملة نقول: إن ظاهر تعلق النهي بنفس العمل ينافي فعلية رجحانه، فالأمر يدور بين رفع اليد عن الظهور في الكراهية بحمله على أقلية الثواب بمقتضي ما أسلفناه، أو رفع اليد عن ظهور تعلق النهي بالعمل بالمقيد وصرفه إلى حيث تقييده واخراج العمل بذاته عن حيز النهي فبقي النهي حينئذ على ظهوره من الكراهة المصطلحة.
وربما ترجح هذا الوجه قوة ظهور النهي في الكراهة المصطلحة وبعد حمله على أقلية الثواب - وان كانت الكلمات [تساعده] - وعلى أي حال لا يبقى في البين مجال لتوجهات أخرى في المقام: بارجاع النهي إلى مطلوبية نفس الترك، أو جهة أخرى ملازمة لتركه، إذ مثل هذه أيضا ينتج مبغوضية الفعل أو أجنبية المنهي عن هذا العمل، بل غاية الأمر كونه لازمه ولا مجال للمصير إلى الطرفين - كما لا يخفى - فتدبر.