في كلماتهم من التعابير المزبورة لا يكون إلا من باب اعمال نحو من العناية في معطيات القابلية لا ان غرضهم بيان معنى ثالث خارجا عنهما فلا يغرنك حينئذ مثل هذه البيانات لاثبات كون الشرائط أيضا بحكم معطيات الوجود في عدم التقدم والتأخر كما لا يخفى.
ثم إن [لأستاذنا] العلامة طاب ثراه في المقام كلاما آخر وهو انه بعدما التزم بلزوم تقارن أجزاء العلة بجميعها حتى الشرائط وعدم الموانع مع المعلول التزم في الأحكام بصحة الشرط [المتأخر] بارجاع الشرط إلى وجودها العلمي لا الخارجي والغرض من وجودها العلمي أيضا وجوداتها التصورية في عالم الجعل فلا يتنافى مع ارجاع القضايا الشرعية إلى القضايا الحقيقية الراجعة إلى جعل الحكم منوطا بوجود موضوعه خارجا.
غاية الأمر يدعى ان الجاعل في مقام جعله تارة يتصور الموضوع أو الحكم منوطا بوجود الشئ سابقا وأخرى متأخرا كتصوره منوطا به مقارنا فجعل تصور الحكم المجعول أو موضوعه شرط جعله فجعله حينئذ منوط بتصور الموضوع أو حكمه لا مجعوله.
نعم لو ارجع العلم إلى شرط المجعول من الحكم أو الموضوع فلا محيص من ارادته العلم التصديقي بهما وحينئذ [تخرج] القضية عن القضايا الحقيقية ويدخل في الخارجية حيث إن في القضايا الخارجية لا يصلح الحكم من الحاكم إلا في طرف جزمه بالتطبيق وذلك هو عمدة الفارق بين القضايا الخارجية والحقيقية كما لا يخفى.
وأظن [أن] من راجع كلماته يرى منها ما شرحناه ولا يبقى مجال رده بان ما أفيد مبني على خلط القضايا الحقيقية بالخارجية وان كلامه مبني على جعل القضايا الشرعية من الخارجية مع أن كلية القضايا في العلوم ليست إلا من القضايا الحقيقية.