فالمناسب للسعة حتى من الحيثية الأخرى ليس إلا الطبيعة السارية، وحيث [إن] الأمر كذلك فنقول:
لازم الاطلاقين وقوع تزاحم بين مدلولي الهيئة والمادة، وعليه فنقول: إن المادة لما [كانت] في عالم الخارج معلول الهيئة فيحسب قهرا من تبعاتها ولا ينظر إلى موضوعية المادة في عالم لحاظه كي [تصير] الهيئة من تبعات المادة.
ومقتضاه حينئذ تقديم اطلاق الهيئة وكشف الطبيعة السارية من المادة إلا إذا كان في البين محذور آخر وحينئذ نقول:
إن تقديم الهيئة على المادة في النواهي مما لا محذور فيه للقدرة على التروك بقول مطلق فلا يرى العقل محذورا في الترجيح المزبور.
وهذا بخلاف الأوامر فان محذور وقوع المكلف فيما [لا يطاق] من أعظم المحاذير، ولذا صار المرتكز في الأذهان تقديم اطلاق المادة فيها على الهيئة للمحذور المغروس في الذهن، بل وربما يؤخذ باطلاق الهيئة أيضا فيها فيما لا محذور فيه، ولذا ربما يختلف أيضا دلالة الأمر على مطلوبية الطبيعة السارية أو صرف الوجود حسب اختلاف المقامات كما لا يخفى.
وبعين هذه النكتة أيضا ربما نستفيد في كثير من المستحبات أيضا الطبيعة السارية المستلزم لتقديم الهيئة فيها على المادة لعدم المحذور المزبور فيها كما لا يخفى.
ولنا في المقام بيان آخر - في وجه التفرقة بين الأوامر والنواهي - لعله أمتن من البيان السابق وهو:
ان لفظ المادة بعدما كان موضوعا للطبيعة المهملة وبينا أيضا أن الطبيعة المهملة لا يكون لها وجود مستقل بل هو معنى محفوظ في ضمن صور متعددة: من صرف الطبيعة الساذجة، أو المخلوطة بقيد زائد داخلي مثل سريانه في ضمن