كما أنه بناء على المعنى الآخر أيضا يجئ هذا النزاع على الطبيعة بملاحظة قابلية الطبيعة لوحدة الوجود وتكرره الآبي عن دخل الخصوصية في المطلوب، وهذه الجهة غير مرتبطة بعالم الفرد الملازم لدخل الخصوصية الفردية في متعلق طلبه.
كما أن هذا البحث غير مرتبط بالبحث الآتي من اقتضاء الأمر للإجزاء وعدمه، إذ البحث الآتي في أن كل مطلوب يقتضي الاجزاء أم لا؟ وهذا البحث في أن المطلوب اي مقدار؟ ولا يرتبط أحدهما بالآخر. وكيف كان نقول:
إن عمدة نظر القائل بالمرة إلى الأمر بالموقتات في وقتها والأمر بالحج وأمثالها حيث لا يجب إلا مرة، ونظر القائل بالتكرار إلى الأمر بالصلاة بلحاظ الأيام، وصوم رمضان بلحاظ السنوات وأمثالها ولا يكاد يطرد كلام كل واحد في كل مورد.
وجواب كل واحد معلوم من امكان كون المراد من الصيغة بمادتها صرف الطبيعة في الأول الملازم لحكم العقل بالاكتفاء بالمرة وكون المراد في الثاني من المادة الطبيعة السارية الملازم عقلا لعدم الاكتفاء بمرة واحدة، بلا كون المرة في الأول ولا التكرار في الثاني مأخوذا في مدلول الصيغة.
ومن هذه الجهة ذهب المشهور إلى عدم أخذ واحد من القيدين في مدلول الصيغة وانما هما من تبعات حكم العقل في أخذ المادة صرف الطبيعة أو الطبيعة السارية.
ومن هنا نقول: إن طبع مقدمات الحكمة أيضا يقتضي كون المراد من المادة صرف الطبيعة إلا إذا كان في البين قرينة - ولو بمثل مناسبة الحكم مع الموضوع - [على] كون المراد الطبيعة السارية.
ومن هذه الجهة ربما تقول: إن الأصل في الأوامر الاجزاء بالمرة إلى أن يثبت الخلاف.