قوله: * (فمتعلق الأمر في الحقيقة إنما هو الفرد... الخ) *.
قد يستفاد من البيان المذكور سيما من هذه العبارة ذهاب المصنف إلى تعلق الأوامر والنواهي بالأفراد، وهو قول مرغوب عنه عند المحققين وإنما المختار عندهم تعلقهما بالطبائع، وقد نص عليه المصنف فيما مر. وفيه ما عرفت: من أن الحكم بتعلقهما بالأفراد إنما هو بتسرية الحكم من الطبيعة إليها، لا أنها بنفسها يتعلق بها الأوامر والنواهي من أول الأمر - كما هو ظاهر القائل بتعلقهما بالأفراد - والظاهر: أن المختار عند المحققين هو تعلقهما بالطبائع من حيث الوجود وهو يرجع إلى مطلوبية الفرد، فإن وجود الطبيعة في الخارج عين وجود الفرد فيكون الأمر بالطبيعة على الوجه المذكور عين الأمر بالفرد لكن لا مطلقا بل من حيث انطباق الطبيعة عليه، وهذا هو الفرق بين القولين حسب ما فصلنا القول فيه في محله. ولا يذهب عليك أن ما قرره المصنف هنا يوافق القول بتعلقهما بالطبائع على الوجه الذي قررنا وليس مبنيا على اختيار تعلقهما بالأفراد بل ربما ينافيه حسب ما أشرنا إليه.
قوله: * (باعتبار الحصة التي في ضمنه من الحقيقة الكلية... الخ) *.
يريد أن الفرد إنما يؤمر به من جهة الحصة الحاصلة في ضمنه من الطبيعة الكلية بناءا على القول بوجود الكلي الطبيعي خارجا في ضمن الأفراد على أبعد الرأيين فيه، وأما على القول الأقرب وهو وجوده بعين وجود أفراده فالأمر أظهر.
وأنت خبير: بأن القول بوجود الكلي الطبيعي في ضمن الفرد إن أريد به أن وجود الفرد بحسب الحقيقة ملفق من وجودين أو أكثر - أعني وجود الطبيعة وسائر العوارض المكتنفة بها - لما تقرر من أنه لا اتحاد بينهما بملاحظة وجود كل منهما في حد ذاته فتكون الطبيعة موجودة في ضمن الفرد بهذا المعنى وإن كانت تلك الطبيعة عين تلك العوارض في بعض الاعتبارات لاتحادهما بحسب الوجود أيضا اتحادا عرضيا. فيكون الطبيعة حينئذ عين أفرادها بتلك الملاحظة فليس هذا أبعد الرأيين في وجود الكلي الطبيعي، وحينئذ إنما يجئ البطلان من جهة اتحاد