التجزي، وعلمه بصحة الدليل يتوقف على علمه بقيام ظنه مقام العلم في المسائل.
ولا يمكن دفعه إلا بالقول بالفرق بين مسائل الأصول والفقه، بأن يقال: إن المختلف فيه هو حجية ظن المتجزئ في المسائل الفقهية، وأما المسائل الأصولية فلا كلام في حجية ظن المتجزئ بالنسبة إليها. ولذا وقع في كلام شيخنا البهائي حكاية الاجماع عليه، وقد عرفت وهنه، إذ لا فرق في مقام الحكم بالحجية وجواز العمل بين مسائل الفقه والأصول وغيرهما من المسائل المربوطة بالعمل، وإن كان موضوع التجزي هو خصوص المسائل الفقهية نظرا إلى اختصاص الاجتهاد اصطلاحا بالمسائل الفرعية دون الأصولية، إلا أنه لا فرق في البحث عن حجية ظن المتجزئ فيها بين الظن المتعلق بها وبغيرها مما يرتبط بها حسب ما أشرنا إليه.
ومنها: أن علم المتجزئ بجواز عمله بظنه في المسائل يتوقف على علمه بقبول الاجتهاد للتجزي، إذ مسألة التجزي أيضا من جملة المسائل الظنية، وعلمه بجواز بنائه عليه موقوف على علمه بحجية الظن الحاصل له.
ويرد عليه: أن علمه بحجية ظنه في المسائل هو عين علمه بقبول الاجتهاد للتجزي، إذ مفاده هو حجية كل ظن حاصل للمتجزئ في المسائل الفقهية ومقدماتها، فلا يتجه لزوم الدور، إذ هو فرع مغايرة الطرفين.
نعم هو من توقف الشئ على نفسه وهو كاف في المقام، فإنه وإن لم يكن دورا في الاصطلاح، إلا أنه نظيره في المفسدة، بل هو أوضح فسادا منه في وجه.
وما قد يقال: من انه إن أريد بتوقف علمه بجواز عمله بظنه في المسائل على علمه بقبول الاجتهاد للتجزي أن علمه بجواز اجتهاده في المسائل الفقهية موقوف على علمه بصحة اجتهاده في تلك المسألة ليس اجتهادا في المسألة الفقهية ليتوقف على جواز التجزي في الاجتهاد، وانما هي مسألة أصولية، ولا خلاف في جواز التجزي في الأصول، على أنه قد يكون مجتهدا مطلقا فيه وإن كان متجزئا في الفروع، إذ لا ملازمة بين الأمرين. وإن أريد به أن علمه بجواز عمله بظنه في