اجتهاده في المسائل، لكون تلك المسألة أيضا كغيرها من المسائل. والجواب في المقامين أمر واحد، وهو ما ذكر من الفرق بين مسائل الأصول والفروع.
ويدفعه: أنه لا فرق بين حجية ظن المتجزئ في الفروع أو الأصول، كيف!
والمسألة جارية فيما يجري فيه التكليف بالتقليد.
ومن البين: ثبوته في مسائل أصول الفقه في الجملة مما يتوقف عليه عمل العوام، إذ ما دل على الأخذ بالتقليد في الفروع دل عليه في الأصول أيضا كما سنفصل القول فيه في محله إن شاء الله.
وما ذكر: من إمكان كونه مجتهدا مطلقا في الأصول فيخرج عن محل البحث مدفوع، بأنه لا فائدة في فرض كونه مطلقا في استنباط الأصول، إذ الكلام في المقام أن المتجزئ في مسائل الفروع هل يعتد بظنه شرعا أو لا؟ سواء تعلق ذلك الظن بالفروع أو الأصول، وسواء كان مطلقا في الأصول أولا؟ بل يجري ذلك في سائر العلوم المرتبطة بالفروع.
ألا ترى: أنه لو كان متجزئا في الفقه كان جواز استناده في لفظ الصعيد - مثلا - إلى ظنه مبنيا على هذه المسألة، ولم يتجه القول بجواز استناده إلى ظنه مع عدم القول بحجية ظن المتجزئ نظرا إلى كونه لغويا غير متجز بحسبه، كيف! ولو كان كذلك لجرى في المقلد إذا كان لغويا والظاهر أنهم لا يقولون به.
وبالجملة: أن البلوغ إلى درجة الاجتهاد المطلق قاض بحجية ظنه في المسائل الفقهية وما يرتبط بها من مقدماتها الاستنباطية، سواء كانت أصولية، أو لغوية، أو غيرهما، ولا حجية في شئ من ذلك الظن المقلد في المسائل الشرعية.
وأما المتجزئ فيها فالكلام المذكور جار فيه بعينه من غير فرق في ذلك بين كونه مطلقا في سائر العلوم، أو متجزئا فيها أيضا. وما ذكر من جريان الإيراد في المجتهد المطلق بين الفساد، نظرا إلى قيام الاجماع على حجية ظنه. وقد عرفت فساد المناقشة في ثبوت الاجماع، ولو سلم ذلك فقضاء العقل به بعد انسداد سبيل العلم كاف في الحكم بحجيته ولا يجرى ذلك في المتجزئ كما عرفت.