الحكم لغيره، إذ من البين وجوب ذلك أيضا والاقتصار في ذلك على بيان الاحتياط من غير بيان للحكم مع طلب السائل له، وظنه بالحكم من الأدلة الظنية مشكل، على أنه قد لا يتمكن من ذلك أيضا، كما إذا دار مال بين يتيمين أو غائبين أو يتيم وغائب، ونحو ذلك. والسكوت عن الفتوى حينئذ وترك التعرض له مشكل أيضا، إذ قد يكون محرما باعثا على تلف مال اليتيم أو الغائب، فإن الالتزام بجميع ذلك في خصوص تلك المقامات لا يوجب الخروج عما يقطع به من التكليف المتعلق ينافي الشريعة مما دلت عليه الضرورة ونحوها حسب ما بني عليه تقرير الدليل المذكور.
نعم لو قرر الاحتجاج بنحو آخر أمكن جريان الكلام المذكور وسنشير إليه إن شاء الله، هذا.
وقد ذكر أيضا في المقام إيرادا على الدليل المذكور بأن تسليم انسداد باب العلم غير مفيد في ثبوت المرام والانتقال إلى الظن في تحصيل الأحكام، لإمكان الاقتصار على المعلوم مما دل عليه الضرورة والإجماع، وينفى ما عداه بالأصل لا لإفادته الظن، بل لحكم العقل بأنه لا يثبت علينا تكليف إلا بالعلم أو بظن قام عليه دليل علمي. وفي ما انتفى الأمران يحكم العقل بفراغ الذمة قال: ويؤكد ذلك ما ورد من النهي عن اتباع الظن.
وعلى هذا فإذا لم يحصل العلم به على أحد الوجوه وكان لنا مندوحة عنه كغسل الجمعة فالأمر سهل، للحكم إذن بجواز تركه، وإن لم يكن كذلك كالجهر بالتسمية أو الإخفات بها في الصلاة الإخفاتية فإنه مع وجوب أصل التسمية بالإجماع وقع الخلاف في تعيين إحدى الكيفيتين، وحينئذ نقول: إن قضية حكم العقل هو البناء على التخيير، لعدم ثبوت الخصوصية عندنا، فلا حرج علينا في فعل شئ منهما إلى أن يقوم دليل على التعيين.
قلت: وأنت خبير بأنه ليس مبنى الاستدلال على الاستناد إلى مجرد انسداد باب العلم حتى يورد عليه بأن انسداد طريق العلم لا يوجب العمل بالظن، بل