نعم لو تمسك حينئذ بأصالة عدم إرادة غيره في دفع الزائد حيث إن إرادة المتكلم ثبوت الحكم المعهود مستفاد من اللفظ مدلول له، فإنه إما أن يكون هو المراد أو يكون مندرجا في المراد، وأما إرادته ثبوت الحكم لغيره فغير ظاهر من اللفظ، فهو مدفوع بالأصل في مورد التكليف وغيره، إلا أن التمسك بذلك في بيان مداليل الألفاظ وحملها على معانيها غير متجه، والحكم بكون المعهود مرادا في الجملة ولو تبعا غير كونه هو المراد. ألا ترى أنه لو كان لفظ مشتركا بين الكل والبعض واستعمل مجردا عن القرائن لم يصح ترجيح إرادة البعض بالأصل المذكور، بل يتوقف في مقام الحمل كما هو قضية الاشتراك، وحينئذ لو كان ثبوت الحكم للكل قاضيا بثبوته للبعض حكم به لثبوته حينئذ على الوجهين، وليس ذلك قاضيا بحمل المشترك على البعض، كما هو المقصود في المقام، لكنك خبير بأن دلالته على ثبوت الحكم للبعض لا يتم أيضا في جميع الموارد، بل إنما يتم فيما يكون ثبوت الحكم للكل قاضيا بثبوته للبعض دون غيره، وحينئذ لا حاجة إلى ضميمة الأصل في بيان مفاد اللفظ. أو يقال حينئذ: إن القدر المستفاد من اللفظ عند التجرد من القرائن إرادة الأقل، لكونه مرادا على كل من الوجهين المحتملين بخلاف ما يزيد عليه لابتناء إرادته على مجرد الاحتمال، فلا يكون مدلوله عند الإطلاق إلا ما ذكرناه.
وقوله: " من فروعه ما لو حلف إلى آخره ". أراد به أنه يحمل الماء في المثال على المعهود من إطلاق الماء إذا تعلق به الشرب ولذا يحنث بشرب بعض المياه، ولو أراد به العموم لم يحنث بشرب البعض، لعدم وقوع الحلف حينئذ إلا على ترك شرب الجميع.
وأنت خبير بأن ما ذكره إنما يتم إذا أخذ عموم المفرد المعرف من قبيل العموم المجموعي، فيكون قد نذر ترك شرب مجموع المياه فلا يحنث بشرب البعض، أو جعل النفي واردا على نفس العموم لا على الجزئيات المندرجة في العام، كما تقول ما كل انسان أبيض، فيكون قد نذر ترك شرب كل واحد من المياه، فيكون