العلامة رحمه الله في التهذيب وذهب المحقق رحمه الله ومن تبعه إلى أنه لا يقبل فيه إلا ما يقبل في تزكية الشاهد وهو شهادة عدلين وعن بعض العامة عدم اعتبار التعدد فيهما فلنقدم الكلام في معنى هذا النزاع ثم نتعرض إلى ذكر أدلة الأقوال فإنه غير مجرد في كلام القوم وأقول ان حجية خبر الواحد إما من حيث أنه ظن كما هو مقتضى الدليل الخامس أو من حيث هو خبر كما هو مقتضى آية النبأ أو من حيث أنه الخبر المصطلح أعني المروي عن المعصوم عليه السلام كما هو مقتضى الاستدلال بالاجماع ثم إن اشتراط العدالة لا معنى له على الأول إلا باعتبار اعلام طرق الظن والتنبيه عليها والتنبيه على أن خبر الفاسق لا يفيد الظن كما أشرنا إليه سابقا وأما عن الثاني فمقتضاه قبول خبر العدل مطلقا سواء كان رواية مصطلحة أو شهادة أو غيرهما ولذلك استدل الأصحاب بآية النبأ على اشتراط عدالة الشاهد أيضا ومقتضاه قبول خبر العدل الواحد في التزكية مطلقا ولما ثبت من دليل خارجي اشتراط التعدد في نفس الشهود فيرجع الكلام هنا في أن التزكية شهادة أم لا وبعد ثبوت كونها شهادة فلا فرق بين الراوي والشاهد وكذا مع عدمه فالقول بالتفصيل لا معنى له إذ عدالة الراوي إن ثبت بتزكية الواحد فهو عدل يجوز قبول شهادته أيضا والاقتداء به وإلا فلا يقبل في قبول الرواية أيضا لان معنى العدالة شئ واحد و لا معنى لكون الشخص عادلا بالنسبة إلى أمر دون أمر وأما ما يفهم من كلام الشيخ رحمه الله في العدة من الفرق بين عدالة الراوي وغيره فمع أن مراده أن مجرد الوثوق بالصدق كاف لا أن محض ذلك عدالة وان كان فاسقا بالجوارح فلا ينفع في محل النزاع إذ هو مطرح نظر جميع العلماء فلا بد أن يوافق مذاق الجميع فيرجع الكلام في هذا الفرق أيضا إلى أن المدار هو حصول الظن وإن مجرد حصول الظن يكفي في الرواية وهو رجوع إلى الوجه الأول أعني الاعتماد على الدليل الخامس وجعل المعيار هو مطلق الظن ولا يفيد ذلك إثبات اشتراط العدالة في الخبر من حيث أنه خبر والحاصل أن سبيل العلم بالأحكام الشرعية إذا كان منسدا فالمدار على الظن والظن يحصل بالخبر بمجرد تعديل واحد وأما إثبات حقوق الله أو حقوق الناس فالمدار فيهما على العلم أو البينة أو اليمين فلم ينحصر المناص فيهما في العمل بمطلق الظن فمثل اخبار الطبيب عن إنبات اللحم وشد العظم للرضاع وعن كون الصوم مضر للمريض واخبار أهل الخبرة بالقيمة والأرش ونحو ذلك فهي مثل الفتوى فيكفي فيها الواحد ولا وجه للحكم بوجوب الاثنين كما وقع من بعض الفقهاء وتوضيحه أن الأحكام الشرعية المتعلقة بالموضوعات التي ليس بيانها وظيفة الشارع مثل أن يقول يجوز الصلاة في الخز أو إنبات اللحم محرم أو المرض المضر مبيح للافطار ونحو ذلك لا شبهة في أنها إنما تعلقت بما هو في نفس الامر كذلك فإن حصل للمكلف العلم به فهو وإلا فيرجع إلى الظن لاستحالة التكلف بالمحال
(٤٦٩)