مما ذكرنا في المترجم والتوجيه فيهما أظهر من المترجم وأما قوله الخامس المخبر عن عدد الركعات والأشواط ففيه ما قدمناه من عدم انحصار الشهادة في حق الخلق ثم إن تحقيق هذه المسائل والتكلم في كل واحد منها ليس وظيفة هذا الكتاب وحظ الأصولي في هذا الباب التفرقة بين الشهادة وغيرها من الاخبار حتى يجعل الشهادة أصلا ويطلب فيها العدد وهو مشكل إذ ما ذكروه من المميزات للشهادة كثيرا يتخلف عن العدد فدعوى لزوم العدد في الشهادة إلا ما أخرجه الدليل ليس بأولى من دعوى كفاية مطلق الخبر إلا ما أثبته الدليل فالمتبع هو ما اقتضاه الأدلة في خصوصيات المقامات إلا أن يتمسك بالاستقراء وتتبع موارد الاحكام فإنه يقتضي كون الأصل فيها العدد وإن ما اكتفى فيه بالواحد فإنما خرج بدليل خاص بقي الكلام في الفرق بين الفتوى والحكم وهو أن الفتوى هو إخبار عن الله تعالى بأن حكمه في هذه القضية كذا ومن خواصه عدم المنع من مخالفته من المجتهد والمقلد أما المجتهد فظاهر وأما المقلد فلان له أن يستفتي عن آخر ومع التعدد فيختار الأعلم ثم الأورع ومع التساوي يتخير والحكم هو إنشاء إطلاق أو الزام في المسائل الاجتهادية وغيرها مع تقارب المدارك فيها مما يتنازع فيه الخصمان بمصالح المعاش هكذا عرفه الشهيد رحمه الله في القواعد وحكمه أنه لا يجوز لغيره نقضه وإن كان مجتهدا مخالفا له في الرأي لاستلزام ذلك عدم استقرار الاحكام والمصلحة في شرع الاحكام هو حصول النظام وذلك ينافيه وقال في القواعد فبالانشاء يخرج الفتوى لأنها أخبار والاطلاق والالزام نوعا الحكم وغالب الاحكام إلزام ومثل للاطلاق بإطلاق مسجون لعدم ثبوت الحق عليه وبإطلاق حر من يد من ادعى رقه بلا بينة وغير ذلك قال وبتقارب المدارك في المسائل الاجتهادية يخرج ما ضعف مدركه جدا كالعول والعصيب وقتل المسلم بالكافر فإنه لو حكم به حاكم وجب نقضه و بمصالح المعاش يخرج العبادات فإنه لا مدخل للحكم فيها فلو حكم الحاكم بصحة صلاة زيد لم يلزم صحتها بل إن كانت صحيحة في نفس الامر فذاك وإلا فهي فاسدة وكذا الحكم بأن مال التجارة لا زكاة فيه وأن الميراث لا خمس فيه فإن الحكم به لا يرفع الخلاف بل لحاكم غيره أن يخالفه في ذلك نعم لو اتصل بها أخذ الحاكم ممن حكم عليه بالوجوب مثلا لم يجز نقضه فالحكم المجرد عن اتصال الاخذ اخبار كالفتوى وأخذه للفقراء حكم باستحقاقهم فلا ينقض إذا كان في محل الاجتهاد ولو اشتملت الواقعة على أمرين أحدهما من مصالح المعاد والاخر من مصالح المعاش كما لو حكم بصحة حج من أدرك اضطراري المشعر وكان نائبا فإنه لا أثر له في براءة ذمة النائب في نفس الامر ولكن يؤثر في عدم رجوعهم عليه بالأجرة انتهى وسيجئ تحقيق الكلام في أواخر الكتاب إذا تمهد هذا فنقول ذهب الأكثرون إلى كفاية المزكي الواحد في الرواية وهو مذهب
(٤٦٨)