وأتقن حين السماع فقد ضبط الحديث وهو ضابط وبمثل هذا يمكن أن يجاب عما يقال أن حبيب الخثعمي ممن وثقوه في الرجال مع أن الصدوق رحمه الله روى في الفقيه أنه سئل أبا عبد الله عليه السلام فقال إني رجل كثير السهو فما أحفظ على صلاتي الحديث ويمكن أن يقال في وجهه أن كثرة السهو في الصلاة لا تنافي الضبط في الرواية أو أن المراد كثير الشك لكثرة استعمال الشك في السهو واعلم أن معرفة الضبط أيضا اما تحصل بممارسة حال الراوي باختبار رواياته واعتبارها بروايات الثقات المعروفين بالضبط والاتقان وموافقتها لها ولو من حيث المعنى فقط أو بشهادة العدول وقد ذكرنا أن قولهم ثقة شهادة على ذلك تنبيه المعتبر في شرائط الراوي هو حال الأداء لا حال التحمل كما أشرنا إليه في الصبي فلا إشكال في جواز الرواية عمن تاب ورجع عما كان عليه من مخالفة في دين أو فسق في حال استقامته وكذا في عدم الجواز عمن خلط بعد الاستقامة في حال الخلط إن كان فسقا مطلقا وعلى المشهور إن كان مخالفة في المذهب أيضا قال الشيخ في عدة فأما ما يرويه الغلاة والمتهمون والمضعفون وغير هؤلاء فما يختص الغلاة بروايته فإن كانوا ممن عرف لهم حال استقامة وحال غلو بما رووه حال الاستقامة وترك ما رووه في حال خطأهم فلأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب محمد بن أبي زينب في حال استقامته وتركوا ما رواه في حال تخليطه وكذلك القول في أحمد بن هلال (العبرتاني)؟ وابن أبي العزاقر وغير هؤلاء وأما ما يروونه في حال تخليطهم فلا يجوز العمل به على كل حال انتهى ومقتضى ما ذكرنا ترك رواياتهم مع جعل التاريخ إلا أن يكون موثقا عند من يعمل بالموثق كما هو الأظهر وقد يتأمل في ذلك لان خطأ أبي الخطاب لم يكن بعنوان السهو والغفلة بل دعته الأهواء الفاسدة إلى تعمد الكذب والظاهر أنه لم يكن في المدة التي لم يظهر منه الكفر بريئا من غاية الشقاوة لكن جعل إخفاء المعصية و إظهار الطاعة وسيلتين إلى ما أراد من الرياسة وإضلال الجماعة فكيف يمكن الاعتماد على روايته و رواية أمثاله في وقت من الأوقات وربما يجعل هذا مؤيدا لضعف القول بكون عثمان بن عيسى و علي بن أبي حمزة ثقتين أقول فما نراه من أخبار أمثال هؤلاء قد عمل به الأصحاب ولم يظهر لنا تاريخ الرواية فعلينا أن نرجع إلى القرائن الخارجية إذ لعلهم عملوا بها لاعتمادهم على القرائن الخارجية لا لكون الرواية في حال الاستقامة فعلينا أن نجتهد في القرائن أيضا ومن القرائن المفيدة للرجحان هو عمل جمهور الأصحاب والحاصل أن المعيار في أمثال ذلك قوة الظن من القرائن الخارجية فلا بد من التأمل والتفحص فمثل ما يرويه الأصحاب عن الحسين بن بشار وعلي بن أسباط ممن كانوا من غير الامامية ثم تابوا ورجعوا واعتمد الأصحاب على روايتهم ومثل علي بن محمد بن رياح وعلي بن أبي حمزة وإسحق بن
(٤٦٣)