جزئيات أصل وقاعدة ولا ريب أن دلالة العام والقاعدة على جزئياتهما ظنية فنقول أن الواجد للأصل والأصلين من أصحاب الأئمة عليهم السلام كان عالما بالأصول الأصلية التي هي أمهات المسائل مثل أصل البراءة وعدم وجواز نقض اليقين بالشك وعدم العسر والحرج وعدم التكليف بما لا يطاق وأصالة الإباحة فيما لا ضرر فيه وقبح الظلم والعدوان والاضرار ونحو ذلك وبينوا لهم في جواب مسائلهم كثيرا من الخصوصيات وكثيرا من العمومات الواردة في الكليات ولم يظهر من حالهم أن تلك العمومات الثابتة في الأصل والأصلين كانت أبكارا لم يصلها أيدي التخصيص فلعل الرواة كانوا يعلمون أن مرادهم عليهم السلام من تلك العمومات الاستدلال على الباقي بعد التخصيص كما أشرنا وان الخاص بين له من خارج والتنصيص على جميع الجزئيات ليس بواجب على بينا واحتمال وجود مخصص آخر غير ما فهموه لا يضر كما بينا لان الظن بالعدم كاف بل يكفي أصالة العدم حينئذ ولم يظهر من حال صاحب الأصل والأصلين أنه يظن بوجود خاص أو معارض في سائر الأصول وعلى فرض الثبوت أنه كان متمكنا من الرجوع إليه ولم يفعل وعلى فرض ذلك أن الإمام عليه السلام اطلع عليه وقرره وكل ذلك دعاوة لا بينة عليها بخلاف زماننا فإن وجود المعارض في جملة الاخبار مما لا يدانيه ريب ولا يعتريه شك فيكف يقاس بزمان أصحاب الأئمة عليهم السلام ولعمري أن أصحاب هذه الكلمات ممن تتبع الاخبار وعرف طريقة الفقه والفقهاء مما يقتضى منه العجب ومما ذكرنا ظهر أن عدم أمر الإمام عليه السلام بتحصيل سائر الكتب لم يكن لأجل أن الفحص عن المخصص أو المعارض لا حاجة إليه مع قيام الاحتمال الراجح إذ لعله يعتمد على ذلك بأنه إذا أشكل عليه الامر في العام يرجع إلى الإمام عليه السلام الثاني قوله تعالى إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا إلخ وجه الاستدلال أنه نفى بالمفهوم التثبت عند مجئ العدل والبحث عن المخصص تثبت وأي تثبت وفيه أن الظاهر من الآية لزوم التثبت في خبر الفاسق الذي يفهم منه مراده بعنوان القطع أو الظن في أنه هل هو صادق أو كاذب والتفحص والبحث عن المراد من خبر العادل إذا كان محتملا لغير ظاهره احتمالا مساويا له ليس تثبتا في أنه هل هو صادق فيه أو كاذب والحاصل أن خبر العدل لا يتأمل في قبوله من حيث احتمال الكذب بل التأمل والتثبت إنما هو في فهم المراد ولم يظهر من الآية نفيه كما لا يخفى لا يقال أن هذا تقييد في خبر العدل والأصل عدمه وإطلاق الآية يقتضي عدم التثبت في خبر العدل مطلقا لا في نفي الكذب فقط لأنا نقول إنا نمنع الاطلاق بالنسبة إلى هذا المعنى حتى نطالب بدليل التقييد بل نقول المتبادر من الآية المقيد وإنكاره ومكابرة مع
(٢٨١)