موضوع لمن قام به الضرب وقاتل لمن قام به القتل وعالم لمن قام به العلم وهكذا وعلى هذا فالوضع عام والموضوع له عام لان الواضع تصور حين الوضع معنى عاما وهو كل واحد من الذوات القائمة بها احداث ووضع بإزاء كل واحد منها ما بنيت من ذلك الحدث على هيئة فاعل وهذا من باب الوضع النوعي فإنه قد لوحظ الألفاظ الموضوعة إجمالا في ضمن الهيئة الخاصة فقولنا هيئة فاعل موضوع لمن قام به مبدء ما بنيت منه في قوة قولنا كلما كان على زنة فاعل إلخ فقد تصور الواضع الألفاظ إجمالا عند وضع الهيئة والثاني أن يقال صيغة فاعل وضعت لمن قام به المبدء يعني هذا الجنس من اللفظ هو ما بنيت على فاعل موضوع لهذا المفهوم الكلي وهذا أيضا كسابقه لكن المراد بالعام في الأول هو العام الأصولي وفي الثاني العام المنطقي لا يقال إن هذا يستلزم كون ضارب وقاتل وعالم مثلا موضوعا لهذا المفهوم الكلي والمفروض خلافه لان معنى هذه المذكورات ليس هو نفس ذلك الكلي يعني من قام به المبدء بل معناها من قام به الضرب و القتل والعلم لأنا نقول الذي يدل عليه الهيئة هو نفس الكلي وأما خصوصية قيام الضرب والقتل ونحوهما فهو من مقتضيات المادة والكلام في وضع الهيئة أو اللفظ بواسطة الهيئة فالهيئة من حيث هي لا تدل إلا على هذا المعنى الكلي والثاني مدلول المادة والثالث ان يقال لفظ ضارب موضوع لمن قام به الضرب وعالم لمن قام به العلم وهكذا وهذا أيضا كسابقه في كون الوضع عاما والموضوع له عاما لكن الوضع فيه شخصي من جهة ملاحظة الخصوصية في اللفظ بخلاف السابق فإنه لم يعتبر فيه الخصوصية بل اعتبر فيه العموم فوضعه نوعي وحقيقة الوضع النوعي يرجع إلى بيان القاعدة وجعل وضع المشتقات من قبيل الوضع الشخصي بعيد إذا عرفت هذا فاعلم أن جمعا من الأصوليين قالوا ان وضع المشتقات مثل وضع الحروف والمبهمات من حيث أن الواضع للفظ فيها تصور المعنى الكلي ووضع الألفاظ بإزاء خصوصيات الافراد إلا أن الموضوع له في الحروف والمبهمات هو الجزئيات الحقيقية وفي المشتقات هو الجزئيات الإضافية وحاصله أن الواضع حين الوضع تصور معنى كليا وهو من قام به مبدء ما ووضع بإزاء جزئياته الإضافية يعني من قام به الضرب أو القتل مثلا ألفاظا متصورة بالاجمال وهو ضارب وقاتل ونحوهما وفيه ما لا يخفى إذ الواضع إن كان غرضه تعلق بوضع الهيئة أي ما كان على زنة فاعل لمن قام به المبدء فحينئذ إنما وضع لفظا كليا منطقيا لمعنى كلي منطقي وكما يتشخص كلي اللفظي في ضمن مثل ضارب فكذلك يتشخص كلي المعنى في ضمن من قام به الضرب ولا يستلزم ذلك وضعا جزئيا لمعنى جزئي بل لفظة ضارب
(٢٨٨)