انه يرد على المستدل النقض بمجمل خبر العدل فإن قيل إن المجمل خرج بالاتفاق وبحكم العقل للزوم التحكم من حمل الكلام على بعض المحتملات ولا اتفاق هنا ولا يحكم العقل بعدم جواز ترجيح العموم لوجود المرجح من تبادر العموم ولأصالة الحقيقة وأيضا القول بكون العام مثل المجمل رجوع عن القول بكون ألفاظ العام حقيقة في العموم قلنا حصول الاجمال من جهة تساوي احتمال إرادة الخصوص لأصالة الحقيقة لا ينافي القول بكونها حقيقة في العموم كما في المجاز المشهور عند من يتساوى عنده إحتماله مع الحقيقة والتبادر الحاصل في المجاز المشهور للمعنى الحقيقي كما أنه بعد قطع النظر عن الشهرة فكذلك المسلم من التبادر ذهنا هو بعد قطع النظر عن شيوع غلبة التخصيص مع أن هنا فرقا آخر وهو أن العام بعد ثبوت التخصيص في الجملة يكون ظاهرا في الباقي كما مر بخلاف المجمل و المشترك ولئن سلمنا إطلاق الآية حتى بالنسبة إلى الدلالة فنقول أن ما ذكرناها من الأدلة على المختار يقيدها وإلا فلا ريب انه يصدق على كل من خبري العدلين المتعارضين ولا ريب أنه لا يمكن العمل حينئذ مطلقا فظاهر أن المراد من الآية أن خبر العدل من حيث أنه خبر العدل لا يجب فيه التفحص عن الصدق والكذب وإن وجب فيه من حيث أنه يعارضه خبر عدل آخر فضلا عما كان التثبت من جهة فهم المراد الثالث آية النفر ووجه الاستدلال أنه تعالى أوجب الحذر عند إنذار الواحد ولم يقيده بالبحث عن المخصص ويظهر الجواب عنه أيضا مما مر ثم إن مناط القول المختار أنه لا يحصل الظن بإرادة المعنى الحقيقي للعام الا بعد الفحص لا انه يحصل الظن بسبب أصالة الحقيقة ولكن لا يكتفي بهذا الظن بل يوجب الظن الزايد بل نقول أن أصالة الحقيقة إن أفاد الظن فإنما يفيد بعد قطع النظر عن شيوع التخصيص والمفروض أنه غير منفك فلا معنى لمقابلة مختارنا بأنا نكتفي بالظن الحاصل من أصالة الحقيقة بل لا بد أن يقال أن الظن حاصل مع شيوع التخصيص أيضا وجوابه المنع ثم إن مطلق الظن كاف وإلا فيشكل الامر لتفاوت مراتب الظنون بل تفاوت مراتب الظن المتاخم للعلم أيضا فلو قلنا باشتراطه لزم الحرج الشديد مع أنها غير ميسر غالبا وما أمكن تحصيله فيه فيجري فيه الكلام الذي ذكرناه في تحصيل العلم ثم إن الظاهر أنه يكفي في تحصيل الظن تتبع كل باب بوبوه في كتب الاخبار لكل مطلب وكل ما يظن وجود ماله مدخلية في المسألة فيه من سائر الأبواب وإن كان في كتاب آخر مثل أن ملاحظة أبواب لباس المصلي في كتاب الصلاة له مدخلية في أحكام الطهارة وغسل الثياب وملاحظة كتاب الصوم له مدخلية في أحكام الاستحاضة والحيض ونحو ذلك وهكذا وقد صار الآن تتبع ذلك سهلا عندنا من جهة تأليف الكتب المبوبة مثل الكافي والتهذيب والاستبصار زاد في ذلك
(٢٨٢)