نفس المركب أيضا فاستفراغ الوسع في تحصيله إنما يمكن بعد تتبع جميع الأدلة وهو مستغرق للأوقات غالبا مفوت للمقصود مع أنه عسر عظيم وحرج شديد وهما منفيان في الدين بالاجماع والآيات والاخبار فثبت كفاية العمل بالظن مطلقا فنقول فيما نحن فيه أن العلم بعدم المخصص في العام غير ممكن غالبا وتحصيل ما يمكن العلم فيه مستلزم لتفويت العمل بأكثر العمومات وبهذا التقرير يندفع ما قد يتوهم أن ذلك يقتضي جواز العمل بالظن في البعض دون البعض وإن العمل بالظن إنما هو فيما إذا لم يكن تحصيل القطع وهو مخالف لما والمعهود من طريقتهم في الفقه من جواز العمل بالظن وإن أمكن تحصيل العلم في بعض الأحكام أيضا فإن المراد في هذا الاستدلال أن العمل بالظن في الكل انما هو لأجل ان تحصيل العلم فيما يمكن فيه من الصور النادرة يوجب تفويت العمل بالأكثر والعسر والحرج لا انه لا يجوز العمل بالظن إلا فيما لا يمكن القطع وأما ما يمكن أن يوجه للقول بلزوم تحصيل القطع بعدم المخصص في العمل على العام فهو ان العمل بالظن مشروط بعدم إمكان تحصيل اليقين وهو ممكن لان ما يعم البحث فيه وكان مما يبتلى به عموما فالعادة تقتضي باطلاع الباحثين عليه وتنصيصهم على وجوده وعدمه وأما الذي ليس بهذه المثابة فالمجتهد بعد البحث يحصل له القطع بذلك إذ لو كان مخصص لذكروه وفيه ما فيه من منع حصول القطع في المقامين إذ غاية الامر عدم الوجدان وهو لا يدل على عدم الوجود أن اشتراط العمل بالظن بعدم إمكان تحصيل اليقين لا دليل عليه إذ اليقين بحكم الله الواقعي لا يحصل بالقطع بعدم المخصص إذ عدم المخصص لو سلم القطع به في نفس الامر أيضا فكيف يحصل القطع بأن المراد من العام هو جميع الافراد بل لعله كان في مقام الخطاب قرينة حالية أفهمت إرادة البعض مجازا مع ما في سند العام ودلالته من غير جهة العموم والخصوص أيضا وجوه من الاحتمال تمنع عن القطع بحكم الله تعالى الواقعي وهكذا الكلام في سائر الأدلة بالنسبة إلى المعارض وبالجملة وجود المعارض وعدمه أحد أسباب الخلل كما أشرنا سابقا فدعوى أنه بعد حصول القطع بعدم المعارض أو المخصص يحصل القطع بحكم الله تعالى جزاف من القول وإمكان سد جميع الخلل في المتن والسند وسائر كيفيات الدلالة لم نر إلى الآن سبيلا إلى التمكن عنه ودعوى اشتراط قطعية بعض مقدمات الدليل إذا أمكن مع عدم إفادة الدليل لا الظن ترجيح بلا مرجح إن قلت إن ما ذكرت يوجب الاكتفاء بمطلق الظواهر في حكم الله الظاهري فلا يجب البحث عن المعارض أصلا فضلا عن تحصيل القطع قلت إن المراد من الظاهر هو الراجح الدلالة المرجوح خلافه وبعد ملاحظة احتمال المعارض احتمالا راجحا لا يفي
(٢٧٨)