وغير مستقل وفيه ان كونه استثناء ممنوع ولو سلم فالاجماع فارق وقد يجاب بان ذلك من باب الشرط لا الاستثناء وذلك يجوز في الشرط وشرطيته والجواز في الشرط كلاهما ممنوعان وبيانه كونه ليس بشرط ان الظاهر من الشرط هو التعليق كما مر ولا ريب ان هذا الكلام لا يراد به تعليق الفعل على المشية بلا ريب وكثيرا ما يذكر في المنجزات المقطوع بفعلها وانما يذكر ذلك من باب التسليم و التوكل وبيان الاعتقاد بأنه لا مناص عن مشية الله وارادته وقدرته أو من جهة امتثال الامر لئلا يفوت المقصود وبالجملة المراد منه غالبا ايقاف الكلام عن النفوذ والمضي فإذا قال افعل كذا غدا فهو جازم في نفسه بأنه يفعله لكن يظهر من نفسه ان صدور الفعل عنه لا يكون الا بمشية الله تعالى فهو جازم في الايقاع شاك في الموضوع لعدم الاعتماد على نفسه ويؤيد ذلك أنه يستعمل في الماضي أيضا مثل قولك حججت وزرت انشاء الله مع أن كلمة ان تصير الماضي مضارعا ومراد القائل الحج والزيارة في المضي ولا يذهب عليك ان المراد ليس انهما مقبولتان انشاء الله تعالى إذ هو خارج عن فرض المثال بل المراد نفس الحج والزيارة ومراده من التعليق بالمشية ان حصولهما انما كان بمشية الله وتوفيقه واما بيان كونه ليس باستثناء فهو عدم اشتماله على شئ من أدواته ولو تكلف بتأويل الشرط بالاستثناء بان يقال معناه الا ان لم يشاء الله ففيه الكلام السابق في الشرط من أن المراد انما هو الايقاف عن النفوذ والمضي لا التعليق نعم قد يستعمل هذه الكلمة في الشرط الحقيقي لو أريد به التعليق كما في صورة الشك وعدم حصول الأسباب الظاهرة الغالبة اللزوم لحصول المسببات مثل ان يسئل عم جامع امرأته مرة هل انعقد ولد منك في الرحم فيقول انشاء الله انعقد وان لم يشاء لم ينعقد وهذا ليس من باب المتداول في استعمال تلك الكلمة كما لا يخفى ثم انه لا محصل للاجماع المدعي في عود هذه الكلمة إلى الجميع إذ ذلك مسألة لغوية وانعقاد الاجماع على أن مراد كل من تكلم بهذه الكلمة في الصورة المفروضة هو الرجوع إلى الجميع شطط من الكلام الا ان يقال المراد الاجماع في كل ما ورد في كلام الشارع أو يقال ان المراد لزوم حمل كلام المسلم على ذلك لأنه من توابع الايمان والتوكل والاذعان بهذا الامر الوجه الثالث ان الاستثناء صالح للرجوع إلى الجميع والحكم بأولوية البعض تحكم فيحب عوده إلى الجميع كما أن ألفاظ العموم لما لم يكن تناولها لبعض أولى من الاخر تناولت الجميع وفيه ان الصلاحية للجميع لا يوجب ظهوره فيه بل انما يوجب التجويز والشك والتعيين موقوف على الدليل واخراج كلام الحكيم عن اللغوية عن الاجمال يحصل بتخصيص الأخيرة وان لم يكن من باب التعيين فلاوجه
(٢٩٤)