فيجوز أكرم بني تميم إلا الجهال وإن كان العالم فيهم واحدا واعتبر المحقق في الجواز أن لا ينتهي الكثرة إلى حد يقبح استثنائها عادة مثل أن يقال له على مأة إلا تسعة وتسعين ونصفا احتج الأكثرون بأمور الأول قوله تعالى إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين مع قوله فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين فإن قلنا باشتراط كون المستثنى أقل من المستثنى منه يلزم أن يكون كل من المخلصين والغاوين أقل من الآخر وهو محال فإن الآية الثانية تدلى على أن غير المخلصين كملهم غاوون لا واسطة فيكون الباقي من العباد بعد إخراج الغاوين في الآية الأولى هم المخلصين لعدم الواسطة ومما قررناه وحررناه في وجه الاستدلال يظهر لك فساد كل ما أورد عليه فلا نطيل ببيانه نعم يرد عليه أنه لا يدل على جواز استثناء الأكثر لجواز التساوي وقد يقرر الاستدلال على وجه آخر وهو أن يضم إلى الآية الأولى قوله وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين بتقريب إن كلمة من بيانية و الغاوون المتبعون للشيطان وإذا كان أكثر الناس غير مؤمن بحكم الآية الثانية فيكون متبعوا الشيطان الغاوون أكثر الناس ورد بأن المراد من قوله تعالى عبادي هم المؤمنون لكون الإضافة للتشريف فيكون المستثنى منقطعا فلا إخراج سلمنا لكن لا نسلم أكثرية الغاوين لان من العباد الملائكة والجن وكل الغاوين أقل من الملائكة وأجيب بأن المنقطع مجاز ومتى أمكن الحمل على الحقيقة فلا يصار إلى المجاز ولذلك يحمل قول القائل له علي ألف درهم إلا ثوبا على قيمة وكون الإضافة للتشريف ممنوع وصرح المفسرون بأن المراد من العباد بنو آدم الثاني إجماع العلماء على أن من قال له علي عشرة إلا تسعة يلزم بواحد فلولا صحته لحكموا بإلغاء الاستثناء وألزموه بعشرة كما في المستغرق الثالث قوله تعالى في الحديث القدسي كلكم جائع إلا مع أطعمته ووجه الاستدلال واضح ثم إن لي إشكالا في هذا المقام لم يسبقني إليه فيما أعلم أحد من الاعلام وتحقيقا في المخلص عنه من مواهب كريم المنعام ولكنه لا ينفع لما يرد من جهته على الأقوام وهو أنهم ذكروا الاختلاف في منتهى التخصيص وذهب المحققون من الجمهور إلى أنه لا بد من بقاء جمع يقرب من مدلول العام ثم ذكروا الاختلاف في هذه المسألة وأسندوا القول بوجوب بقاء الأكثر إلى شاذ من العامة وجواز استثناء الأكثر إلى أكثر المحققين فإن كان وجه التفرقة الفرق بين المتصل والمنفصل وإن الكلام في المبحث السابق كان فيما كان المخصص فيه منفصلا وفي هذا المبحث في المستثنى فهذا ينافي نقل القول بالفرق بين المتصل والمنفصل ثمة بين الأقوال وإن قلت انا نمنع كون الاستثناء تخصيصا والكلام في المبحث السابق إنما كان في التخصيص قلت مع أنه ينافي نقل القول بالتفصيل المذكور ثمة فيه أن جمهور الأصوليين قائلون بكون الاستثناء تخصيصا لما عرفت من أنهم
(٢٥٦)