بأن يكون المراد الاخراج عما هو في صورة الثابت وإن لم يكن ثابتا في نفس الامر فلا تناقض أيضا وهو المراد في التخصيص وبيانه أن القائل يسند الحكم أولا بالباقي ولكن يؤديه بلفظ الاسناد إلى الكل لنكتة ثم يجئ بلفظ دال على الاخراج للقرينة على إرادة الباقي ويظهر بذلك أنه أراد به الاخراج عما هو ظاهر المراد لا عن نفس المراد وذلك بعينه مثل قولك رأيت أسدا يرمي فلا يريب أحد في أن المراد بالأسد حقيقة فيه هو الرجل الشجاع ويرمي للعدول عما هو ظاهر المراد من لفظ الأسد ولا يمكن فيه إرادة الحيوان المفترس إلا على جعل الاستعارة من باب المجاز العقلي كما هو مذهب السكاكي بجعل الأسد شاملا للأسد الادعائي مع أنه أيضا مجاز لغوي كما لا يخفى والمراد به غير ما هو مدلوله اللغوي جزما كما لا يخفى وأما النكتة التي أشرنا إليها فهو أن المتكلم إذا أراد النسبة إلى الباقي فذكره بعنوان الحقيقة يستلزم تعداد أسامي الباقي وهو متعذر غالبا أو متعسر فلا بد أن يجعل مقامه شيئا يتمكن به عن ذلك فيطلق عليه نفس العام مجازا مع نصب قرينة عليه وهو الاستثناء وما يجري مجراه من المخصصات المتصلة أو يأتي باسم آخر للباقي إن كان له اسم كما هو موجود في الاعداد والعدول في الاعداد من الاسم إلى ذكر العام وقرينة الاخراج أيضا لا بد أن يكون لنكتة كما في قوله ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما مع التمكن عن قوله تسعمأة وخمسين عاما وهو أن عدد الألف مما يضرب به المثل للكثرة والمقام مقام بيان طول المكث والحاصل أن مقتضى إرادة التخصيص اللائق بكلام الله تعالى وأوليائه الذي هو محط نظر الأصولي هو إسناد الحكم إلى الباقي في نفس الامر مع تأديته بلفظ قابل للاخراج ثم الاخراج بملاحظة ظاهر الإرادة وإن لم يكن إخراج في نفس الامر أصلا و ما ذكره بعض المدققين في رفع التناقض حيث قال ولك أن يزيد أنه مخرج عن النسبة إلى المتعدد بأن تريد جميع المتعدد وتنسب الشئ إليه فتأتي بالاستثناء لاخراجه عن النسبة ولا تناقض لان الكذب صفة النسبة المتعلقة للاعتقاد ولم ترد بالنسبة إفادة الاعتقاد بل قصدت النسبة لتخرج عنه شيئا ثم تفيد الاعتقاد فإن أراد به ما ذكرنا فهو وإلا فلا تركب في النسبة المستفادة من الكلام ليفك ويجعل بعضها متعلقا للاخراج وبعضها متعلقا للاعتقاد مع أنه لا يتأتى حينئذ على ما هو التحقيق من كون الاستثناء من النفي إثباتا وبالعكس كما لا يخفى على المتأمل ومما حققنا ظهر أنه لا وجه للايرادات التي أوردوها على المذهب المختار من لزوم الاستثناء المستغرق في قولك اشتريت الجارية إلا نصفها لو أردت بالجارية نصف كلها والتسلسل لو أريد ما بقي من النصف بعد الاخراج وهو الربع وإذا كان المراد بالنصف الربع فيكون المراد بالربع المستثنى منه الثمن وهلم جرا ومن أن ضمير
(٢٥٣)