بأنه لا معنى حينئذ لدخول الأقل في الأكثر فإن المجوس ليس من جملة أهل الكتاب كما لا يخفى نعم يمكن إجراء ذلك في المخصص بالمجمل مثل اقتلوا المشركين إلا بعضهم ولكنه لا ثمرة فيه لسقوط العام عن الحجية بقدر الاجمال نعم قد يجري ذلك فيما لو أريد من بعضهم النكرة المطلقة الموكول تعيينها إلى اختيار المخاطب ولكن ذلك لا يفيد قاعدة كلية تنفع للأصولي في جميع الموارد وكيف كان فلا دخل لما ذكر فيما نحن بصدده فالتحقيق في الجواب أن الأولوية إنما تثبت فيما حصل من الاستقراء جوازه كما بينا والمراد بلفظ الأولوية في كلام المستدل وفي جوابنا هو المستحق الممكن الحصول مقابل الممتنع مثل قوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض لا الأرجح كما هو غالب الاستعمال والغفلة عن ذلك إنما هو الذي أوجب مقابلته بهذه الأجوبة والاعتراضات فحاصل مراده أن العلاقة المجوزة لاستعمال العام في الخصوص هو العموم والخصوص وهو في الكل موجود فما الوجه لتخصيص بعض الافراد بالجواز دون بعض وليس مراده بيان نفي المرجح بعد قبول الجواز حتى يقابل ما ذكر وحاصل جوابنا أن الذي ثبت عن استقراء كلام العرب من الرخصة في جواز استعمال العام في الخاص إنما هو الاستعمال في الجمع القريب بالمدلول لا مطلق علاقة العموم والخصوص حتى يتساوى الكل فيه وما يظهر من بعضهم أن العلاقة هو علاقة الكل والجزء واستعمال اللفظ الموضوع للكل في الجزء غير مشروط بشئ كما اشترط في عكسه كون الجزء مما ينتفي بانتفائه الكل وهو مساو في الجميع ففيه أن أفراد العام ليست أجزاء له فإن مدلول العام كل فرد لا مجموع للافراد مع أن استعمال اللفظ الموضوع للكل في الجزء إنما يثبت الرخصة فيه فيما لو كان الجزء غير مستقل بنفسه ويكون للكل تركيب حقيقي وهو مفقود فيما نحن فيه ومن ذلك يظهر أن الكلام لا يجري في مثل العشرة أيضا رأسا فضلا عن صورة إبقاء الواحد واتفاق الفقهاء على أن من قال له علي عشرة إلا تسعة يلزمه واحد لا يدل على صحة هذا الاطلاق كما سيجئ وجواز إبقاء الجمع القريب بالمدلول فيه أيضا لا يلزم أن يكون بسبب علاقة الجزئية فإن الحيثيات معتبرة والمعتبر هو علاقة العموم والخصوص وإن لم يكن من باب العموم المصطلح المشهور وإن كان يرجع إليه بوجه لان المراد بالعشرة في الحقيقة وهو مميزة مثل الدراهم والدنانير فيصير من باب الجمع المعهود فكان المعنى له علي دراهم عددها عشرة وكذلك الكلام في الاعداد التي مميزها في صورة المفرد فإن معناها جمع ومما ذكرنا ظهر أيضا أن العلاقة ليست من باب استعمال الكلى في الجزئي أيضا وإنما هو في العام والخاص المنطقيين ثم أن صاحب المعالم رحمه الله أجاب عن أصل الدليل بأن العلاقة في ذلك المجاز إنما هو المشابهة لعدم تحقق الجزئية في افراد العام وهي إنما تتحقق في كثرة تقرب من مدلول العام فهذا وجه الاختصاص وفيه منع حصر العلاقة فيهما بل العلاقة إنما هو العموم والخصوص وكون ذلك من جملة العلائق
(٢٤٥)