اللفظ غلطا كما أن في قولهم له علي عشرة إلا تسعة بالرفع لا يحكم باشتغال الذمة بالعشرة لكون الاستثناء غلطا بخلاف الاستثناء المستغرق فإنه لغو بحث فيؤخذ بأول الكلام ويترك بآخره ودفع الثالث بأن المراد والله يعلم لعله أنه لا يقدر على الاطعام إلا أنا فكلكم يبقى على صفة الجوع لو أراد الاطعام من غيري وهذا معنى واضح على من كان له ذوق سليم وسليقة مستقيمة فلا دلالة فيه على مطلبهم إذا تمهد هذه فنقول لما كان موضوع المسألة في الأقوال المذكورة مختلفة فلا بد من تحرير محل النزاع بحيث يصح ورود الأقوال عليه وذلك لان بعض القائلين بالحقيقة يريدون كون العام مع المخصص حقيقة في الباقي وبعضهم يريدون كون نفس العام حقيقة وهؤلاء أيضا مختلفون في التقرير فلا بد أن يقال في تقرير محل النزاع أن لفظ العام في هذا التركيب هل استعمل في معنى مجازي أم لا فذهب الأكثرون إلى كون العام مجازا في الباقي وقيل حقيقة مطلقا وقيل حقيقة إن كان الباقي غير منحصر أي له كثرة يعسر العلم بقدرها وإلا فمجاز وقيل حقيقة إن خصص بغير مستقل كالشرط والصفة والغاية والاستثناء ومجاز إن خصص بالمستقل من عقل أو سمع وظاهر هؤلاء أنهم يريدون أن مجموع التركيب حقيقة في إرادة الباقي وهكذا ما في معناه من التفصيلين الذين بعده فلا يكون العام بنفسه حقيقة ولا مجازا وقيل حقيقة إن خصص بشرط أو استثناء لا صفة و غيرها وقيل حقيقة ان خصص بلفظي اتصل أو انفصل وقيل حقيقة في تناوله ومجاز في الاقتصار عليه والأول أقرب لنا أنه لو كان حقيقة في الباقي كما كان في الكل لزم الاشتراك والمفروض خلافه وقد يقال ان إرادة الاستغراق باقية فلا يراد به الباقي حتى يلزم الاشتراك على تقدير كونه حقيقة فإن المراد بقول القائل أكرم بني تميم الطوال عند الخصم أكرم من بني تميم من قد علمت من صفتهم أنهم الطوال سواء عمهم الطول أو خص بعضهم ولذلك نقول وأما القصار منهم فلا تكرمهم ويرجع الضمير إلى بني تميم لا إلى الطوال منهم وكذلك معنى أكرم بني تميم إلى الليل أو إن دخلوا الدار الحكم على جميعهم غايته أنه ليس في جميع الأزمنة في الأول وعلى جميع الأحوال في الثاني وكذا أكرم بني تميم إلا الجهال منهم الحكم على كل واحد بشرط اتصافه بالعلم وأنت خبير بأن ذلك كله تكلفات باردة وتجشم حمل الهيئة التركيبية على خلاف وضعه مع استلزامه التجوز في بعض المفردات أيضا ليس بأولى من حمل العام فقط على المعنى المجازي ولا ريب أن الهيئة المفسرة مغايرة للهيئة المفسرة وكل منهما موضوع لمعنى وأول معنى قولنا رأيت أسدا يرمي مع قولنا رأيت شجاعا مثلا إلى أمر واحد لا يقتضي اتحادهما وكذلك تأدية التراكيب الحقيقية لمعنى واحد لا يوجب اتحادها في الدلالة وأما إرجاع الضمير
(٢٦١)