في الكتاب إلى من لا يصل إليه إلا بعد سنة أو أزيد فكذا يجوز للعالم بالعواقب مخاطبة من سيوجد و لو بعد مدة بهذا الكتاب لا وجه له لان الكلام في المكاتبة والمراسلة بعينه هو ما ذكرنا لأنها لا تصح إلا إلى الوجود الفاهم إذا أريد منه الطلب الحقيقي وإلا فيكون المراد من المكاتبة أيضا هو العمل على ما يشمله من الاحكام من باب الوصية لا التكلم والتخاطب مع أن احتمال ذلك لا يكفي ولا بد للمدعي أن يثبت ذلك فإن قلت فإذا امتنع الخطاب ولو على سبيل المجاز فما الذي يثبت التكاليف للمعدومين حين وجودهم وبلوغهم قلت أخبر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله بأنهم إذا وجدوا يصيرون مخاطبين مكلفين بهذه الأحكام وأخبر رسوله صلى الله عليه وآله خلفائه عليهم السلام وهكذا ولا يلزم من ذلك إخبار المعدوم وحتى يلزم محذور القبح السابق الوارد في خطاب المعدوم لان ذلك إخبار الموجود بحال المعدوم وذلك معنى ادعائهم الاجماع على الاشتراك فالحاصل لا نقول بمخاطبة المعدومين بهذه الخطابات لا حقيقة وإلا مجازا بل نقول باشتراكهم معهم في الحكم بدليل آخر من الاجماع و الضرورة والأخبار الواردة في ذلك المدعى فيها التواتر من غير واحد فإن قلت لو قلنا بجواز شموله للمعدومين مجازا بمعنى إخبار الموجودين بأن المعدومين مكلفون بذلك بقرينة اشتراكهم في التكليف الثابت بالاجماع والضرورة أو قلنا بعدم شموله أصلا وقلنا بالاشتراك من دليل آخر مثل الاجماع والأخبار الواردة في ذلك فأي ثمرة للنزاع بين القولين بكونه حقيقة في الأعم أو مجازا في خطاب الملفق من الموجود والمعدوم أو عدم الشمول أصلا وثبوت الاشتراك من الخارج قلت يظهر الثمرة في فهم الخطاب فإن خطاب الحكيم بما له ظاهر وإرادة غيره بدون قرينة قبيح فإن قلنا بتوجه الخطاب إلى المعدومين فلا بد لهم من أن يبنوا فهم الخطاب على اصطلاحهم وليس عليهم التفحص عن اصطلاح زمن الخطاب بل ولا يجوز لهم ذلك بخلاف ما لو اختص الخطاب بالحاضرين فيجب على المتأخرين التحري والاجتهاد في تحصيل فهم المخاطبين وطريقة إدراكهم ولو بضميمة الظنون الاجتهادية ومنها أصل عدم النقل وأصل عدم السقط والتحريف وعدم القرينة الحالية الدالة على خلاف الظاهر و أمثال ذلك وربما يذكر هنا ثمرة أخرى وهو أن شرط اشتراك الغائبين للحاضرين في الشرايع والاحكام مع قطع النظر عن الورود بخطاب الجمع هو أن يكونا من صنف واحد فوجوب صلاة الجمعة مثلا على الحاضرين مع كونهم يصلون خلف النبي صلى الله عليه وآله أو نائبه الخاص لا يوجب وجوبه على الغائبين الفاقدين لذلك لاختلافهم في الصنف من حيث أنهم مدركون للسلطان العادل أو نائبه بخلاف الغائبين فعلى القول بشمول الخطاب للغائبين يمكن الاستدلال بإطلاق الآية
(٢٣٣)