الشواهد على أن العام يطلق عندهم على الجماعة المعهودة كما أشرنا وإن كان التخصيص بمنفصل في عدد غير محصور أو في عدد محصور كثير فكقول الأكثر والأقرب عندي قول الأكثر لما تقدم من أن وضع الحقائق والمجازات شخصية كانت أو نوعية يتوقف على التوقيف ولم يثبت جواز الاستعمال إلى الواحد من أهل اللغة وعدم الثبوت دليل عدم الجواز والقدر المتيقن الثبوت هو ما ذكرنا غاية الامر التشكيك في مراتب القرب وهو سهل إذ ذاك في الاحكام الفقهية والأصولية ليس بعادم النظير كما في الافراد الخفية الفردية في العام واللوازم الغير البينة اللزوم فما ترجح جوازه في ظن المجتهد فيجوز وما ترجح عدمه فلا وما تردد فيه فيرجع فيه إلى الأصل من عدم الجواز والقول بأن الرخصة في نوع العلاقة في المجاز يوجب العموم في الجواز غفلة عما حققناه في أوائل الكتاب وفي أوائل الباب إذ قد عرفت أن نوع العلاقة إطراده غير معلوم بالنسبة إلى جميع الأصناف وفي جميع أنواع الحقائق وسنبطل ما استدل به المجوزون واحتج الأكثرون على ذلك بقبح قول القائل أكلت كل رمانة في البستان وفيه آلاف وقد أكل واحدة أو ثلاثا ولعل مرادهم استقباح أهل اللسان واستنكارهم ذلك من جهة ما ذكرنا من عدم ثبوت مثله عن العرب لا محض الغرابة والمنافرة الموجبتين لنفي الفصاحة إذ عدم الفصاحة لا يستلزم عدم الجواز إلا أن يراد استقباحه في كلام الحكيم سيما الحكيم على الاطلاق الذي هو موضوع علم الأصول ولكن ذلك لا يثبت نفي الجواز لغة والقطع بعدمه في كلام الحكيم أيضا مطلقا غير واضح والمقام قد يقتضي ذلك احتج مجوزوه إلى الواحد بأمور الأول أن استعمال العام في غير الاستغراق مجاز على التحقيق وليس بعض الافراد أولى من البعض فيجوز إلى أن ينتهي إلى الواحد ورد بمنع عدم أولوية البعض لان الأكثر أقرب إلى الجميع وعورض بأن الأقل متيقن الإرادة مع الكل ومع الأكثر بخلاف الأكثر فإنه متيقن المراد من الكل خاصة على أن أقربية الكثر تقتضي أرجحية ارادته على إرادة الأقل لا امتناع إرادة الأقل وفي أصل الاستدلال وجميع الاعتراضات نظر أما في الاعتراضات فإن مبناها على ترجيح المراد من العام المخصوص كما لا يخفى لا بيان جواز أي فرد من أفراد التخصيص وعدمه كما هو المدعى فإنما يتمشى هذه إذا علم التخصيص في الجملة فلو دار الامر بين التخصيصات المختلفة أمكن التمسك بأمثال ما ذكر ولا يمكن ذلك في إثبات أصل الجواز وعدمه بل لا يجري بعض المذكورات فيه أيضا مثلا إذا قيل (اقتلوا)؟ المشركين والمفروض ان المشركين مأة واحد منهم مجوسي والباقون أهل الكتاب وورد بعد ذلك نهي عن قتل المجوس و رود نهي أخر عن قتل أهل الكتاب وفرضنا تساوي الخاصين من حيث القوة فمن يلاحظ الأقربية إلى الجميع فلا بد أن يبني على النهي الأول ومن يلاحظ تيقن الإرادة فلا بد أن يبني على الثاني ولكنك خبير
(٢٤٢)