من الواضحات التي لا تحتاج إلى البيان مصرح به في كلام أهل الأصول والبيان والظاهر أن كونه علاقة اتفاقي وما يتراءى من الخلاف من كلام بعضهم كالمحقق الكاظمي في شرح الزبدة حيث نسب كون العلائق خمسة وعشرين ومن جملتها العموم والخصوص إلى المشهور والمحقق البهائي رحمه الله في حاشية الزبدة حيث نسب إلى القدماء فهو ناظر إلى تغيير العبارات من حيث الايجاز والاطناب فبعضهم ردها إلى اثنين وبعضهم إلى خمسة وبعضهم إلى اثني عشرة وكل ذلك اختلاف في اللفظ وإلا فلا خلاف ولأصحاب هذا القول أيضا حجج واهية أخرى منها قوله تعالى وإنا له لحافظون وفيه أنه من باب التشبيه لقصد التعظيم لا من باب ذكر العام وإرادة الخاص فكأنه لاجتماعه جميع صفات الكمالات الحاصلة في كل واحد سيما وصف الحافظية صار بمنزلة العام أو لان العظماء لما جرت عادتهم بأنهم يتكلمون عنهم وعن أتباعهم فيغلبون المتكلم فصار ذلك كناية عن العظمة ومنها قوله تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم والمراد نعيم ين مسعود باتفاق المفسرين وأجيب بمنع اتفاق المفسرين أولا وان الناس ليس بعام بل للمعهود ثانيا و الظاهر أن مراده عهد الجمع وفيه إشكال لان الناس اسم جمع وإطلاقه على الواحد على سبيل العهد غير واضح وهذا التفسير رواه أصحابنا عن أئمتهم عليهم السلام فلاوجه لرده والصواب في الجواب ان ذلك أيضا ليس من باب التخصيص بل من باب التشبيه فإن أبا سفيان لما خرج إلى ميعاد رسول الله صلى الله عليه وآله للحرب بعد عام أحد ألقى الله الرعب عليه فأراد الرجوع وكره أن يكون ذلك على وجه الصغار و الاحجام عن الحرب ويكون ذلك سببا لجرئة أهل الاسلام فأراد تثبيط رسول الله صلى الله عليه وآله عن الحرب على سبيل الخداع بأن يخوفهم حتى يتقاعدوا فلقي نعيم بن مسعود واشترط له عشرة من الإبل على أن يثبطهم عن الحرب فجاء نعيم وقال لهم أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ووجه التشبيه أنه لما أخبر عن لسان الناس يعني أبا سفيان وجيشه وتكلم عن مقتضى مقصدهم وكان ذلك رسالة عنهم فكأنهم قالوا ذلك بأنفسهم وهذا مجاز شايع في المحاورات وفي تكرير المعرف باللام إيهام إلى المبالغة في الاتحاد ومنها أنه علم بالضرورة من اللغة صحة قولنا أكلت الخبز وشربت الماء ويراد به أقل القليل مما يتناوله الماء والخبز وفيه انا قد حققنا في أول الباب أن المفرد المحلى باللام حقيقة في الجنس ومجاز في غيره والقرينة قائمة هنا على إرادة الفرد المعين عند المتكلم المطابق للمعهود الذهني وهو نظير قولنا جاء رجل بالأمس عندي لا من قبيل جئني برجل فكما أن للنكرة إطلاقين قد مر بيانهما فكذلك للعهد الذهني المساوق لها في المعنى والحاصل أن المراد به المعهود الذهني سواء قلنا باشتراك المعرف باللام بين المعاني الأربعة ويعين ذلك بالقرينة أو قلنا بكونه حقيقة في الجنس واستعمل هنا في الفرد حقيقة
(٢٤٦)