أن النهي المتعلق بكل واحد من العبادات والمعاملات إما يتعلق به لنفسه أو لجزئه أو لشرطه أو لوصفه الداخل أو لوصفه الخارج أو لشئ مفارق له متحد معه في الوجود أو لشئ مفارق غير متحد معه في الوجود والمراد بالمتعلق به لنفسه أن يكون المنهي عنه طبيعة تلك العبادة أو المعاملة مع قطع النظر عن الافراد والعوارض والأوصاف كالزمان والمكان وغير ذلك مثاله النهي عن صلاة الحائض وصومها ونحو ذلك لا يقال ان النهي هنا تعلق بالصلاة باعتبار وقوعها حال الحيض فالمنهي عنه هو الصلاة الكاينة في حال الحيض فالنهي إنما تعلق بها لوصفها ويؤيده ما قيل أن مفهوم الصيغة إنما يرد على المادة بعد اعتبار قيودها أو حيثياتها فقولنا زيد أعلم من عمرو في الهيئة وعمرو أعلم من زيد في الطب معناه أن علم الهيئة في زيد أكثر من عمرو وعلم الطلب في عمرو أكثر من زيد وبذلك يندفع ما أورد على قولهم ان صيغة التفضيل تقتضي الزيادة في أصل الفعل مع قطع النظر عن الافراد من أنه يلزم أن يرجع العقل عما فهمه أولا في مثل ذلك المثال فيكون معنى قولنا لا تصل الحائض ان الصلاة الحاصلة في حال الحيض منهي عنها فيكون المنهي عنه لنفسه منحصرا في مثل المثالين المتقدمين لأنا نقول أن الحيض من مشخصات الموضوع لا المحمول وما ذكر في التائيد من جعل القيود من متعلقات المادة ممنوع سلمنا عدم كونه قيدا للموضوع لم لا يكون من قيود الحكم والنسبة الحكمية فإن سلمنا كون القضية عرفية عامة بأن يكون المراد الحائض منهية عن الصلاة ما دامت حائضا فليس معناه أنها منهية عن الصلاة الكاينة في حال الحيض بل المراد أنها منهية في حال الحيض عن الصلاة والحاصل أن المنهي عنه لنفسه إنما هو بعد ملاحظة حال المكلف لا مطلقا فالظاهر مكلف بالصلاة والحائض منهية عنها وأما ما وقع النهي عنه مع قطع النظر عن ملاحظة حال المكلف أيضا كالامساك ثلاثة أيام فيما هو في صورة العبادة والزنا والقمار فيما هو في صورة المعاملة فهو خارج عن محل النزاع كما ذكرنا وأما المعاملة المنهي عنها لنفسها فمثل نكاح الخامسة لمن عنده أربع وبيع العبد والسفيه ونحو ذلك ويظهر وجهه مما تقدم في صلاة الحائض وأما المنهي عنه لجزئه فكالنهي عن قرائة العزائم في الصلاة وكبيع الغاصب مع جهل المشتري على القول بأن البيع هو (نفس)؟ الايجاب والقبول الناقلين للملك وأما على القول الاخر فالأمثلة كثيرة واضحة والنهي عن الجزء أيضا يحتمل أن يكون لجزئه أو لشرطه إلى آخر الاحتمالات ويظهر حكمها بملاحظة أحكام أصل الأقسام وكذلك الشرط وأما المنهي عنه لشرطه فإما بأن يكون لفقدان الشرط كالصلاة بلا طهارة وبيع الملاقيح فإن القدرة على التعليم حال البيع شرطه وهو مفقود فيه أو لكون الشرط منهيا عنه لوصفه اللازم أو المفارق أو غير ذلك من
(١٥٦)