فيخصص النهي عموم أحل ويبقي مدلول قوله البيعان بالخيار بحاله مستلزما للزوم بعد الافتراق و إن كان حراما وقلما كان عقد من العقود يخلو عن مثل ذلك ثم إن ذلك المفصل جعل ذلك عذرا للفقهاء حيث يستدلون بالنهي على الفساد في البيوع والأنكحة ردا على من ادعى إجماع العلماء على دلالة النهي على الفساد حيث يستدلون في جميع الأعصار والأمصار بالنهي على الفساد وقال إن ذلك الاستدلال إنما هو في الموضع المذكور لا في كل موضع وأنت خبير بأن أكثر تلك الاستدلالات في البيع والنكاح ونحوهما وقد عرفت الحال والتحقيق أن النهي لا يدل على الفساد فيها مطلقا ويحتاج ثبوت الفساد إلى دليل من خارج من إجماع أو نص أو غير ذلك من القرائن الخارجية حجة القول بالدلالة مطلقا في العبادات والمعاملات أن العلماء كانوا يستدلون به على الفساد في جميع الأعصار و الأمصار من غير نكير ورد بأنه إنما يدل على الفساد شرعا والحق في الجواب أن عمل العلماء ليس بحجة إلا أن يكون إجماعا وهو غير معلوم وان الامر يقتضي الصحة والاجزاء والنهي نقيضه والنقيضان مقتضاهما نقيضان فالنهي يقتضي الفساد الذي هو نقيض الصحة وفيه مع عدم جريانه فيما ليس مقتضيها الامر وإن أصل المقايسة باطلة لان الامر يقتضي الصحة لأجل موافقته والامتثال به والفساد المستفاد من النهي لو سلم فإنما هو لأجل مخالفته وتسليم التناقض أو حمل التناقض في الاستدلال على مطلق التقابل انا نمنع كون مقتضى المتناقضين متناقضين أو متقابلين إذ قد يشتركان في لازم واحد سلمنا لكن نقيض قولنا يقتضي الصحة لا يقتضي الصحة لا أنه يقتضي عدم الصحة والذي يستلزم الفساد هو الثاني ومقتضى الدليل هو الأول حجة القول بالدلالة مطلقا شرعا فقط استدلال العلماء كما مر ومر جوابه مع أن ذلك لا يستلزم كونه من جهة الشرع فلا وجه للتخصيص وادعاء الحقيقة الشرعية في الفساد كما يظهر من بعضهم أيضا في معرض المنع احتجوا أيضا بأنه لو لم يفسد لزم من نفيه حكمة يدل عليها النهي ومن ثبوته حكمة يدل عليها الصحة واللازم باطل لان الحكمتين إن كانتا متساويتين تعارضتا وتساقطتا وكان الفعل وعدمه متساويين فيمتنع النهي عنه لخلوة عن الحكمة وإن كانت حكمة النهي مرجوحة فهو أولى بالامتناع لأنه مفوت للزايد من مصلحة الصحة وهو مصلحة خالصة إذ لا معارض لها من جانب الفساد كما هو المفروض وإن كانت راجحة فالصحة ممتنعة لخلوها عن المصلحة بل لفوات قدر الرجحان من مصلحة النهي وهو مصلحة خالصة لا يعارضها شئ من مصلحة الصحة وجوابه إن كون مصلحة أصل النهي راجحة لا يقتضي مرجوحية ترتب الأثر بالنسبة إلى عدمه فترك الفعل أولا راجح على فعله أما لو فعل وعصى فترتب الأثر عليه راجح على عدمه ولا منافاة بينهما أصلا (إذ)؟ رجحان النهي إنما هو على الفعل و
(١٦١)