ثم قال المحقق - رحمه الله -: وهذا حق. لأنه أبعد من الزلل (1).
والعجب منه: كيف رضي (2) من الشيخ بالتفصيل الذي حكاه عنه؟ مع أن صحة الرواية بالمعنى مشروطة بالضبط والمعرفة. وتعليله بترجيح (3) اللفظ بأنه أبعد من الزلل يقتضي التقديم مطلقا، لا مع عدم الضبط والمعرفة في راوي المعنى، كما شرطه الشيخ.
ومنها: الترجيح بالنظر إلى المتن، وهو من وجوه:
أحدها: أن يكون لفظ أحد الخبرين فصيحا ولفظ الآخر ركيكا بعيدا عن الاستعمال، فيرجح الفصيح، ووجهه ظاهر، وأما الأفصح فلا يرجح على الفصيح، خلافا للعلامة في التهذيب (4)، إذ المتكلم الفصيح لا يجب أن يكون كل كلامه أفصح وثانيها: أن يتأكد (5) الدلالة في أحدهما بأن يتعدد جهات دلالته أو يكون (6) أقوى، ولا يوجد مثله في الآخر فيرجح متأكد الدلالة. ومن أمثلته ما جاء في بعض أخبار التقصير للمسافر بعد دخول الوقت من قوله: " قصر فإن لم تفعل فقد والله خالفت رسول الله، صلى الله عليه وآله " (7).
وثالثها: أن يكون مدلول اللفظ في أحدهما حقيقيا وفي الآخر مجازيا وليس بغالب، فيرجح دو الحقيقة، أو يكون فيهما مجازيا. لكن مصحح التجوز أعني العلاقة في أحدهما أشهر وأقوى وأظهر منه في الآخر، فيجب ترجيح الأشهر والأقوى والأظهر (8).
ورابعها: أن يكون دلالة أحدهما على المراد منه غير محتاجة إلى توسط أمر آخر، ودلالة الآخر موقوفة عليه فيرجح غير المحتاج. وقد ذكر الناس ههنا وجوها