قال المحقق - رحمه الله -: رجح الشيخ بالضابط والأضبط، والعالم والأعلم، محتجا بأن الطائفة قدمت ما رواه محمد بن مسلم، وبريد (1) بن معاوية، والفضيل بن يسار ونظائرهم، على من ليس له حالهم. قال: ويمكن أن يحتج لذلك بأن رواية العالم والأعلم أبعد من احتمال لخطأ وأنسب بنقل الحديث على وجهه فكانت أولى.
الثالث: قلة الوسائط، وهو علو الاسناد. فيرجح العالي، لان احتمال الغلط وغيره من وجوه الخلل فيه أقل.
قال العلامة في النهاية (2): " علو الاسناد وإن كان راجحا من حيث إنه كلما كانت الرواة أقل، كان احتمال الغلط والكذب أقل، إلا أنه مرجوح باعتبار ندوره. وأيضا فان احتمال الخطأ والغلط في العدد الأقل إنما يكون أقل لو اتحدت أشخاص الرواة في الخبرين، أو تساووا (3) في الصفات. أما إذا تعددت أو كانت صفات الأكثر أكثر فلا. وهذا الكلام ليس بشئ، لان تأثير الندور في مثله غير معقول. واشتراط الاتحاد أو المساواة (4) في الصفات مستدرك، لأن المفروض في باب التراجيح استيثار أحد الدليلين بجهة الترجيح. وهو إنما يكون مع الاستواء فيما عداها، إذ لو وجد مع الآخر ما يساويها أو يرجح عليها، لم يعقل اسناد الترجيح (5) إليها. وبالجملة فهذا في غاية الظهور.
ومنها: الترجيح باعتبار الرواية، فيرجح المروي بلفظ المعصوم على المروي بمعناه.
وحكى المحقق - رحمه الله - عن الشيخ أنه قال: إذا روى أحد الراويين اللفظ والآخر المعنى وتعارضا، فان كان راوي المعنى معروفا بالضبط والمعرفة فلا ترجيح (6) بينهما (7)، وإن لم يوثق منه بذلك ينبغي أن يؤخذ المروي لفظا (8).