لذلك، نظرا إلى أن هذا ليس تكليفا بالمحال، بل هو محال في نفسه، لان معناه الحكم بأن الفعل يجوز تركه، ولا يجوز. وإن تعددت الجهة، بأن كان للفعل جهتان، يتوجه إليه الامر من إحديهما (1)، والنهي من الأخرى، فهو محل البحث، و ذلك كالصلاة في الدار المغصوبة، يؤمر بها من جهة كونها صلاة، وينهى عنها من حيث كونها غصبا، فمن أحال اجتماعهما أبطلها، ومن أجازه صححها (2).
لنا: أن الامر طلب لايجاد الفعل، والنهي طلب لعدمه، فالجمع بينهما في أمر واحد ممتنع. وتعدد الجهة غير مجد مع اتحاد المتعلق، إذا لامتناع إنما ينشأ (3) من لزوم اجتماع المتنافيين في شئ واحد. وذلك (4) لا يندفع إلا بتعدد المتعلق، بحيث يعد في الواقع أمرين، هذا مأمور به وذلك منهي عنه. ومن البين أن التعدد (5) بالجهة لا يقتضي ذلك بل الوحدة باقية معه قطعا، فالصلاة في الدار المغصوبة، و إن تعددت فيها جهة الأمر والنهي، لكن المتعلق الذي هو الكون متحد، فلو صحت، لكان مأمورا به - من حيث إنه أحد الاجزاء المأمور بها للصلاة وجزء الجزء جزء والامر بالمركب أمر باجزائه - ومنهيا (6) عنه، باعتبار أنه بعينه الكون في الدار المغصوبة، فيجتمع فيه (7) الأمر والنهي وهو متحد. وقد بينا امتناعه، فتعين بطلانها.
احتج (8) المخالف بوجهين، الأول: أن السيد إذا أمر عبده بخياطة ثوب، ونهاه عن الكون في مكان مخصوص، ثم خاطه في ذلك (9) المكان، فانا نقطع بأنه مطيع عاص لجهتي الامر بالخياطة والنهي عن الكون.
الثاني: أنه لو امتنع الجمع، لكان باعتبار اتحاد متعلق الأمر والنهي، إذ