كتب القوم، وسيظهر لك سر ما قلته وإنما لم أعدل عنها ابتداء قصدا إلى مطابقة دليل الخصم لما عنون به الدعوى، حيث جعله على الوجه الذي حكيناه.
ولقد أجاد علم الهدى، حيث تنحى عن هذا المسلك، وأحسن التأدية عن أصل المطلب!. فقال (1): " وفى الفقهاء والمتكلمين من يجوز أن يأمر الله تعالى بشرط أن لا يمنع المكلف من الفعل، أو بشرط أن يقدره. ويزعمون: أنه يكون مأمورا بذلك مع المنع. وهذا غلط، لان الشرط (2) إنما يحسن فيمن لا يعلم العواقب ولا طريق له إلى علمها، فأما العالم بالعواقب وبأحوال المكلف (3)، فلا يجوز أن يأمره بشرط ".
قال: " والذي يبين ذلك أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - لو أعلمنا أن زيدا لا يتمكن من الفعل في وقت مخصوص، قبح منا أن نأمره بذلك لا محالة (4). وإنما حسن دخول الشرط فيمن نأمره فقد علمنا بصفته (5) في المستقبل. ألا ترى أنه لا يجوز الشرط فيما يصح فيه العلم ولنا إليه طريق نحو حسن الفعل، لأنه مما يصح أن نعلمه، وكون المأمور متمكنا لا يصح أن نعلمه عقلا، فإذا فقد الخبر، فلا بد من الشرط، ولابد من أن يكون أحدنا في أمره يحصل في حكم الظان لتمكن من يأمره بالفعل مستقبلا، ويكون الظن في ذلك قائما مقام العلم. وقد ثبت أن الظن يقوم مقام العلم إذا تعذر العلم. فأما مع حصوله، فلا يقوم مقامه. وإذا كان القديم (6) تعالى عالما بتمكن من يتمكن، وجب أن يوجه الامر نحوه، دون من يعلم أنه لا يتمكن. فالرسول - صلى الله عليه وآله - حاله كحالنا إذا أعلمنا الله تعالى حال من نأمره، فعند ذلك نأمر بلا شرط ".
قلت: هذه الجملة التي أفادها السيد - قدس الله نفسه - (7) كافية في تحرير