قد كان منهم وزاد بعضهم عليه حتى انتهى إلى ذكر المباهلة والتخويف من الله فاما السباب واللعن والشتم والرجوع عن الولاية فليس يجب عندنا بكل خطاء وسنبين القول في ذلك إذا تكلمنا على الطريقة التي نذكرها عنهم من الاستدلال فيما بعد انشاء الله تعالى فاما قولهم في الاستدلال انهم جعلوه طلاقا تمثيلا و تشبيها فقد بينا انه غير ممتنع أن يكونوا الحقوه بما يتناوله الاسم بناء على انهم لا يقدرون أن يحكوا عنهم انهم قالوا قلنا بكذا تشبيها بكذا وانما روى انهم جعلوا الحرام طلاقا وحكموا فيه بحكم الطلاق فاما من أي وجه فعلوا ذلك وهل الحقوه تمثيلا وتشبيها أو في تناول فليس بمنقول على انه لا يمتنع أن يشبه الشئ بالشئ ويذكر له نظير لا على سبيل المقايسة بل على سبيل التعريف والافهام فيقول من ينفى القياس مثلا المصافحة والمعانقة مجرى المجامعة في نقض الطهر وان لم يكن حاملا لهما عليهما بالقياس بل يذهب إلى تناول ظاهر اللفظ للكل فلو نقل عنهم التصريح بالتمثيل والتشبيه لم يكن فيه دلالة على القياس لان القياس ليس هو ان يقول القائل الحكم في هذا الشئ التحريم كما كان في غيره مما وتناول النص تحريمه بل القياس هو أن يثبت للمسكوت عن حكمه مثل حكم المنطوق بحكمة لعلة جمعت بينهما ويكون العلة معلوقة متميزة مستدلا على كونها علة من دون ساير صفات الأصل بالدليل وهذا مما لا يروى عن أحد من الصحابة انه استعمله على وجه من الوجوه فكيف يدعى مع ذلك التصريح منهم بالقياس فاما ادعائهم انهم صرحوا بالقياس وتعلقهم في ذلك بما روى عن ابن عباس من قوله الا يبقى الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أب الأب ابا وما روى من التشبيه بغصني شجرة وبجدولي نهر فلان تعلق بمثله لان أول ما فيه انه يجب أن يعتمد في ايجاب العمل بالقياس على خبر واحد غير مقطوع به لان هذه المسألة من المسائل المعلومة التي لا يعتمد فيها الا الأدلة الموجبة للعلم وما رووه عن ابن عباس وغيره من اخبار الآحاد التي لا يقطع بها فكيف يستدل بها لو كان فيها دلالة وهي غير معلومة وليس لاحد يدعى الاجماع على صحة الاخبار من حيث تلقوا هذه الاخبار بالقبول أو يدعوا تواترها وانتشارها وذلك انها وان ظهرت بين الفقهاء وذكرت في كتب الفرايض فلا شبهة في انها اخبار آحاد ولا فرق بين من يدعى تواترها وبين من يدعى تواتر جميع أخبار الآحاد التي ظهرت بين الفقهاء وكثرت احتجاجهم بها في كتبهم ومناظراتهم وان كانت أصولها آحادا فاما الاجماع والتلقي بالقبول فإنه غير مسلم لأنه لم يكن منهم في هذه الاخبار الا ما كان منهم في خبر مس الذكر وقوله انما الاعمال بالنيات وما شاء كل ذلك من اخبار الآحاد وقد علمنا ان هذه الاخبار التي ذكرناها وما جرى مجراها ليس مما يوجب الحجة ولا يثبت بمثله الأصول التي طريقها العلم فان قالوا خبر مس الذكر والاعمال بالنيات ما قبلوه من حيث قطعوا على صحته وانما عملوا به كما يعلمون على اخبار الآحاد قلنا وهكذا خبر غصني الشجرة وما يجرى مجراه فليس يمكن بين الامرين
(٩٨)