فإنه لا يمتنع ان يتعبد بالاخبار عن تلك الصفة ما دام الموصوف عليها فإذا انتقل إلى غيرها يتعبد بالنهي عن أن يخبر عمالنا ان تخبر به لتغير المخبر في نفسه وهذه جملة كافية في هذا الباب وشرحها يطول وفيما ذكرناه ومقنع ان شاء الله فاما شرايط ان يأمر المكلف بنفس ما نهى عنه فهي انه يأمره به على غير الوجه الذي نهاه عنه وذلك نحو نهيه تعالى المكلف أن يصلى الصلاة عبادة للشيطان و امره إياه بان يفعلها عباده له تعالى ونحو امره تعالى بالاخبار عن نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله ونهيه عن نبوة غيره وانما قلنا ان الامر بالشئ والنهى عنه على هذا الوجه يكون قبيحا لان ذلك يدل على البداء على ما قدمنا القول فيه ويؤدى إلى أن يكون الامر به قبيحا ان كان المأمور به قبيحا إلى وأن يكون النهى عنه قبيحا ان كان الفعل حسنا فكذلك لا يجوز أيضا ان يأمر بالشئ وينهى عنه بعينه في وقتين لان ذلك تكليف ما يطاق لان مقدور المكلف في أحد الوقتين لا يصح ان يفعله في الوقت الاخر فمتى نهاه عن الوقت الاخر فقد نهاه عما لا يقدر عليه وذلك قبيح وكذلك لا يجوز أن يأمر زيد بشئ الذي نهى عنه عمرو لان كونه مقدورا لأحدهما يمنع من كونه مقدورا للاخر وكذلك لا يحسن ان يؤمر بالشئ على وجه يحسن عليه وينهى عنه على وجه اخر يحسن أيضا عليه لان ذلك يقتضى قبح النهى عن الحسن قبيح فاما النهى من غير المأمور به فلقد يحسن أيضا على وجوه منها ان يأمر زيد بمثل ما نهى عنه عمروا لان ما يقع حسنا من زيد لا يمتنع ان يقع من عمرو قبيحا وذلك نحو امر الله تعالى الطاهر بالصلاة ونهيه الحايض عنها وهذا على ضربين أحدهما ان يقع منهما على وجه واحد والاخر ان يقع منهما على وجهين والحال فيهما سواء ومنها ان يأمر عز وجل زيدا في الثاني بمثل ما نهاه عنه في الأول فيحسن لان كونه قبيحا في الأول لا يمنع من وقوعه حسنا في الثاني ونسخ الشريعة على هذا الوجه ولا فصل في ذلك بين أن يقع في الوقت الثاني على الوجه الذي وقع في الأول وبين أن يقع على غير ذلك الوجه فاما نهى زيد عن مثل ما امر به في وقت واحد فإنما لا يحسن لأنه يبعد ان يكون الفعلان المثلان الواقعان منه على وجه واحد يختلف معهما في الصلاح فيكون أحدهما مصلحة والاخر مفسدة وقد يصح الامر بالشئ والنهى عن غيره على وجوه اخر وكذلك الامر بغير ما وقع الامر والنهى عن مثل ما وقع النهى عنه ولم يذكر ذلك لان الغرض بيان ما يحسن من ذلك ليبين بذلك ان نسخ الشريعة منها وهذه جملة في هذا الباب فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات الخلاف المعروف في هذه المسألة مع اليهود وقد حكى حكاية عمن لا يعتد بقوله من أهل الصلاة الامتناع من نسخ الشرايع وقوله مطرح لا يلتفت إليه واليهود على ثلث فرق أحدها يمنع من نسخ الشرايع عقلا والفرقة الثانية يجوز النسخ عقلا وتمنع منه سمعا والفرقة الثالثة يجوز النسخ عقلا وسمعا وانما تنكر نبوة نبينا لان ما يدعى له من المعجزات عندهم ليست بدلالة وإذا بين الدلالة على نبوة نبينا (ع) بالمعجزات الظاهرة على يده من القران وغيره
(٣٢)