السنة به فإنما يستدل بالاجماع على ان الخبر غير صحيح ولا يجب قبوله فاما أن يكون منسوخا به فلا و انما قالوا ذلك لأنه لو كان صحيحا لما اجتمعت الأمة على خلافه لأنهم يتبعون الأدلة ولا يخالفونها أو يستدل بالاجماع على انه نسخ بغيره لا به نفسه فان قيل فهل يجوز أن ينسخ اجماعهم على قولين باجماعهم على أحدهما لان بهذا الاجماع قد دل على ان القول الاخر الذي سوغوه من قبل القول به قد حرم القول به وهذا نسخ للاجماع قيل له هذا يسقط على مذهبنا لأنهم إذا اجمعوا على ان كل واحد من القولين جائز لا يجوز أن يجمعوا بعد ذلك على أحد القولين لان ذلك ينقض الاجماع الأول و انما يصح ذلك على مذهب من قال بالاجتهاد بأن يقول قالوا بقولين من طريق الاجتهاد ثم أداهم الاجتهاد إلى قول واحد وعلى هذا أيضا لا يكون ذلك نسخا لأنهم انما سوغوا القول بالأول بشرط أن لا يكون هناك ما يمنع من الاجتهاد كما ان من غاب عن الرسول صلى الله عليه وآله فإنما يجتهد في المسألة بشرط أن لا يكون من النبي صلى الله عليه وآله نص فإذا وجد الاجماع على أحدهما عدم الشرط الذي له جوزوا القول بالاخر فحرم القول به لهذه العلة لا لأنه منسوخ فاما القياس فعندنا انه غير معمول به في الشرع على ما ندل عليه في المستقبل فلا يصح نسخه ولا النسخ به واما على مذهب من قال بالعمل به فلا يصح أيضا نسخه لأنه يتبع (يمنع خ ر) الأصول فما دامت الأصول ثابتة نسخه لا يصح والنسخ به لا يصح أيضا لان من شرط صحته أن لا يكون في الأصول ما يمنع منه فلو جوزوا نسخ الأصول بقياس لم يوجد على الشرط الذي يصح عليه فاما الاجتهاديات على مذهب الفقهاء فلا يصح النسخ فيها لأنه يجوز أن يرجع من اجتهاد ويجوز أن لا يرجع وليس يجوز أن يقال ان أحد القولين ينسخ الاخر ولذلك قال معاذ اجتهد رائي إذا لم أجد في الكتاب في السنة وكذلك غيره من الصحابة كانوا يتركون اجتهادهم للنصوص واما فحوى القول فلا يمتنع نسخه لان اللفظ يدل عليه كما يدل على ما يتناوله صريحة فان قيل هل يجوز أن ينسخ ما يقتضيه فحوى الخطاب مع ثبوت صريحه كان ينسخ ضرب الوالدين ويبقى التحريم قوله لهما أف قيل لا يمتنع لأنهما في الحكم بمنزلة ما يتناوله العموم من المسميات فنسخ بعض ذلك مع بقاء البعض لا يمتنع ويفارق القياس لان نسخه مع ثبات أصله لا يصح لان بصحة الأصل يصح الفرع فما دام ثابتا فيجب صحته وكذلك لا يجوز بقاء القياس مع نسخ أصله لما ذكرناه من العلة ومن الناس من منع من ذلك وقال لا يجوز ان يثبت صريحه ويرتفع فحواه لان ذلك مناقضة ويستحيل في العرف لأنه لا يجوز أن يقال فلان لا يظلم مثقال ذرة وهو يظلم القناطير أو فلان لا يأكل رغيفا ثم يقول هو يأكل مائة رطل فإذا كان كذلك فدخول النسخ في ذلك لا يصح واما النسخ باقرار النبي صلى الله عليه وآله على الفعل فسنبين في باب الافعال انشاء الله تعالى فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقران ذهب المتكلمون بأجمعهم من المعتزلة وغيرهم وجميع أصحاب أبي حنيفة ومالك إلى أن نسخ القرآن بالسنة المقطوع بها جائز واليه ذهب سيدنا المرتضى رحمه الله وذهب الشافعي وطائفة
(٤٥)