العمل به ومتى فرضنا على انهم اجمعوا على انه ليس هناك ما لأجله اجمعوا على ما اجمعوا عليه غير هذا الخبر فان هذا يوجب القطع على صحة ذلك الخبر لان ذلك يجرى مجرى ان يقولوا اجمعنا لأجل هذا الخبر لأنه لا فرق بين ان يسندوا اجماعهم إلى الخبر بعينه فبعلم به صحته وبين أن ينفوا اسناده إلى سواه فان به يعلم أيضا صحته فان قيل كيف يجوز أن يجمعوا مخبر خبر ثم لا ينقلوه أصلا وهو أصل الصحة اجماعهم قلنا يجوز ذلك لان اجماعهم أقوى من ذلك لأنه مقطوع به ولا يحتمل التأويل ولو نقلوا ذلك الخبر لكان يجوز أن يصير خبرا واحدا فيخرج بذلك من باب كونه دلالة إلى أن يوجب غلبة الظن فيعلم بذلك أن الاجماع أقوى ومن ذلك القول إذا ظهر بين الطايفة ولم يعرف له مخالف هل يدل ذلك على انه اجماع منهم على صحة أم لا فالذي نقوله ان القول إذا ظهر بين الطايفة ولم يعرف له مخالف احتاج ان ينظر فيه فان جوزنا أن يكون قول من نجوزه معصوما بخلافه لا ينبغي أن نقطع على صحته وان لم نجوز أن يكون قول المعصوم بخلافه قطعنا على صحة ذلك القول فان قيل واي طريق لنا إلى أن نعلم ان قول المعصوم يوافقه أو يخالفه قلنا قد يعلم ذلك بأن يكون هناك دليل يوجب العلم يدل على صحة ذلك فيعلم به ان القول موافق لقول المعصوم لمطابقته للدليل الموجب للعلم وإذا هناك دليل يدل على خلاف ذلك القول علمنا ان المعصوم قوله يخالفه وإذا خالفه وجب القطع على بطلان ذلك القول فان عدمنا الطريقين معا ولم نجد ما يدل على صحة ذلك القول ولا على فساده وجب القطع على صحة ذلك القول وانه موافق لقول المعصوم لأنه لو كان قول المعصوم مخالفا له لوجب أن يظهره والا كان يقبح التكليف الذي ذلك القول لطف فيه وقد علمنا خلاف ذلك ومن قال من أصحابنا ما حكيناه عنهم فيما تقدم انه لا يجب على المعصوم اظهار ما عليه من حيث ان من سبب غيبته هو السبب لفوت ما يتعلق بمصلحته فيكون قد اتى من قبل نفسه كما ان ما يفوته من الانتفاع بتصرف الامام وأمره ونهيه قد اتى فيه من قبل نفسه ينبغي أن يقول يجب أن يتوفق (يتوقف) في ذلك القول ويجوز كونه موافقا لقول الامام ومخالفا له ويرجع في العمل إلى ما يقتضيه العقل حتى يقوم دليل يدل على وجوب انتقاله عنه وقد قلت ان هذه الطريقة غير مرضية عندي لأنها تؤدى إلى أن لا يستدل باجماع الطايفة أصلا لجواز أن يكون قول الامام مخالفا لها ومع ذلك لا يجب عليه اظهار ما عنده وقد علمنا خلاف ذلك الكلام في القياس فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به حد القياس هو اثبات مثل حكم المقيس عليه في المقيس ولا فرق في ذلك بين أن يكون القياس عقليا أو شرعيا وانما يختلفان من وجوه آخر سنذكرها لا تؤثر في ان الحقيقة ما قلناه والذي يدل على صحة ما قلناه من الحدان الانسان متى أثبت للفرع مثل حكم الأصل كان قايسا ومتى لم يثبت له مثل حكمه
(٨٢)