النهى عنه مما يفسده أو يستحيل وسبيل ذلك سبيل ابتداء العبادة به وكما يجوز ورودها بهذا الحكم ابتداء جاز ورودها باقراره بعد وقوعه وان كان خطاء على انه قد ورد ان شريحا قضى في ابن عم أحدهما أخ لام (للميت خ ر) بمذهب ابن مسعود فنقض أمير المؤمنين (ع) حكمه وقال في اي كتاب وجدت ذلك أفي اي سنة وهذا يبطل دعوى من ادعى ان أحدا منهم لم ينقض حكم من خالفه على العموم والقول في نقض الواحد منهم على نفسه يجرى على الوجه الذي ذكرناه فاما تعلقهم بان الخطاء في الدماء والفروج والأموال لا يكون الا كبيرا ولم إذا كان كبيرا في بعض المواضع ومن بعض الفاعلين وجب أن يكون كذلك في كل حال ومن كل فاعل أو لا ترون انه قد اشترك (يشترك خ ر) فاعلان في إراقة دم غير مستحق ويكون فعل أحدهما كفرا والاخر غير كفر وإذا جاز ذلك لم يمتنع ان يشترك فاعلان أيضا في إراقة دم ويكون من أحدهما فسق وكبيرا ولا يكون من الاخر كذلك ثم يسئلون عما اختلفت فيه الصحابة وكان الحق فيه في أحد الأقوال كاختلافهم في مانعي الزكاة وهل يستحقون القتال واختلافهم في الإمامة يوم السقيفة ويقال لهم يجب أن يكون خطأوهم كبيرا لأنهم مخالفون للنصوص وما الحق فيه في واحد ويجب أن يكونوا بمنزلة من ابتداء خلاف النصوص في غير ذلك فكل شئ يعتذرون به ويفصلون قوبلوا بمثله على انهم يقولون ان قتلا وقع من موسى (ع) صغيرة ولا يلزمهم ان يكون كل قتل صغيرة ولا إذا حكموا بكبر القتل منا ان يحكموا بكبره من موسى (ع) فكيف سوغ (يسوغ خ ر) مع ذلك ان يلزمهم مخالفهم في نفى القياس ما اعتمدوه وتعلقوا أيضا بما روى عن النبي (ع) لما انفذ معاذا إلى اليمن قال له بماذا تقضى قال بكتاب الله قال فان لم تجد في كتاب الله قال بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله قال فان لم تجد قال اجتهد رأيي فقال (ع) الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صلى الله عليه وآله لما يرضاه رسول الله صلى الله عليه وآله وبما قد روى عن ابن مسعود مثل ذلك وهو انه قال له اقض بالكتاب والسنة إذا وجدتهما فإذا لم تجد الحكم فيهما فاجتهد رأيك و بما روى عن عمر في رسالته المشهورة إلى أبي موسى الأشعري انه قال قس الأمور برأيك والكلام على ما ذكروه من وجوه أحدها ان هذه اخبار آحاد لا يقبل في مثل هذه المسألة التي طريق اثباتها العلم المقطوع على صحته على ان الأصول لو ثبتت باخبار الآحاد لم يجز ثبوتها بمثل خبر معاذ لان رواته مجهولون وقيل رواه جماعة من أصحاب معاذ ولم يذكروا على ان روايته قد وردت مختلفة فجاء في بعضها انه لما قال اجتهدوا رأيي قال له (ع) لا اكتب إلى اكتب إليك وهذا يوجب أن يكون الامر فيما لا يجده في الكتاب والسنة موقوفا على ما يكتب إليه لا على اجتهاده فان قالوا الدليل على صحة روايته تلقى الأمة له عصرا بعد عصر بالقبول ولان الصحابة إذا ثبت انهم عملوا بالقياس والاجتهاد فلابد فيه من نص لان أصل القياس في الشرع لا يستدرك (يعلم خ ر) قياسا ولا نص يدل ظاهره على ذلك الا خبر معاذ وما خبر معاذ أقوى منه فيجب من ذلك صحة الخبر قلنا اما تلقى الأمة له بالقبول فغير معلوم وقد بينا ان قبول الأمة لأمثال هذه الاخبار كقبولهم لخبر مس الذكر وما جرى مجراه مما لا يقطع به
(١٠٩)