بالشئ لتعلق المصلحة به وينهاه لتعلق المفسدة به ومحال في الشئ الواحد في الوقت الواحد أن يكون مصلحة ومفسدة واما نسخ الشريعة فمخالف لما قدمناه لأنا قد بينا في حده انه اسقاط الحكم الذي تناوله النص المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتا به مع تراخيه عنه وذلك يقتضى ان المأمور به غير المنهى عنه وان وقت المنهى غير وقت المأمور به وهذا بين وقد بينا أيضا الفرق بين النسخ والتخصيص و ذكرنا ان تخصيص العموم هو ما دل على انه لم يرد به الا بعض ما تناوله اللفظ وانه لا يصح دخوله مما لم يتناوله لفظ الخصوص والنسخ بخلافه وبينا أيضا ان شروطهما واحكامهما تختلف لان النسخ يصح فيما يصح التخصيص فيه ويصح التخصيص فيما لا يصح النسخ به وذلك واضح والذي يعتمد في هذا الباب ان النسخ والتخصيص جميعا يتناولان الافعال دون الأعيان والأوقات والأحوال على خلاف ما يدعيه بعض من يتكلم في هذا الباب لان التخصيص يدل على انه لم يرد بالعموم ما لولاه لكان يدل على انه مراد وكذلك النسخ والذي يريده المخاطب الحكيم هو الافعال دون الأعيان والأوقات لان الأعيان لا يصح ان يراد والأوقات لا يحتاج إلى ارادتها لأنها ليست متعلقة بالتكليف وكذلك الأحوال فإذا صح هذا صح ما قلناه وانما يقال ان التخصيص يخص الأعيان ويراد به انه أريد بالعموم الفعل من بعض الأعيان دون بعض أو في بعض الأوقات دون بعض فيرجع التخصيص في التحقيق إلى الافعال لكنها لما كانت تقع من الأعيان في الأوقات وجب ان تذكر فان لم تكن هي المراد بالكلام وهذا هو الذي يجب الاعتماد عليه دون غره لان الكلام على المعاني دون العبارات فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من افعال المكلف وما لا يصح وبيان شرايطه افعال المتكلف على ضربين أحدهما لا يصح معنى النسخ والاخر يصح ذلك فيه فالذي لا يصح معنى النسخ على ضربين أحدهما لا يصح ذلك فيه لان الصفة التي يقع عليها الفعل لا يجوز خروجه عنها ولا حصول ضدها فيه وذلك مثل وجوب الانصاف وشكر المنعم وقبح الكذب والجهل وغير ذلك من الواجبات العقلية التي لا يجوز خروجها عن كونها على تلك الصفة فما يكون كذلك لا يصح معنى النسخ فيه لان من المحال ان يكون الانصاف مع كونه انصافا وشكر النعمة مع كونها شكرا للنعمة يخرجان من كونهما واجبين وكذلك لا يصح ان يخرج الجهل والكذب عن القبح إلى الحسن فعلم بذلك ان معنى النسخ لا يصح في جميع ذلك وذهب المعتزلة إلى ان معنى النسخ يصح في شكر النعمة لأنه يجوز ان يفعل المنعم من الإساءة ما يوفى على النعمة فيبطل الشكر عليها وذلك يصح على مذهبهم في الاحباط لا على ما نذهب إليه من فساد القول بالاحتياط لان بالإساءة عندنا لا يبطل شكر النعمة وانما يستحق بها الذم والعقاب فيمن يصح ذلك فيه لا غير والقسم الاخر لا يصح معنى النسخ فيه لأنه لا يصح خروجه عن كونه لطفا وذلك نحو وجوب المعرفة بالله تعالى وصفاته ونحو وجوب الرياسة التي توجبها عقلا فإنه
(٣٠)