على أدون البيانين رتبة مع قدرته على أعلاهما ومنهم من نفاه مع اجازته ورود العبادة به من حيث لم يثبت التعبد به أو من حيث ورود السمع بخلافه فاما من اثبته فاختلفوا فمنهم من اثبته عقلا وهم شذاذ غير محصلين ومنهم من اثبته سمعا وزعم ان العقل لا يدل على ثبوته وهم المحصلون من مثبتي القياس ومنهم الكثيرة من الفقهاء والمتكلمين وكلامهم أقوى شبهة والذي نذهب إليه وهو الذي اختاره سيدنا المرتضى رحمه الله في كتابه في ابطال القياس ان القياس محظور استعماله في الشريعة لان العبادة لم تأت به وهو مما لو كان جايزا في العقل مفتقرا في صحة استعماله في الشرع إلى السمع القاطع للعذر ويلحق بهذا في القوة الطريقة التي كان ينصرها شيخنا رحمه الله من منع حصول الظن وفقد الامارات التي يحصل عندها الظن وذكر المرتضى ره ان لهذه الطريقة بعض القوة ونحن نتكلم على هذه المذاهب كلها على وجه الاختصار ثم نبين نصرة ما اخترناه من بعد انشاء الله فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم اما من أحاله عقلا من حيث لا يمكن في أن يكون طريقا لمعرفة الاحكام فنحن إذا بينا ان ذلك ممكن جرى مجرى سائر الأدلة من النصوص وغيرها من الكتاب والسنة والذي يدل على صحته معرفة الاحكام به انه لا فرق في صحة معرفتنا بتحريم النبيذ المسكر بين أن ينص الله على تحريم المسكر من الأنبذة وبين أن ينص على تحريم الخمر وينص على ان العلة في تحريمها شدتها أو يدلنا بدليل غير النص على انه لهذه العلة أو ينصب لنا امارة تغلب عند نظرنا فيها ظننا ان تحريمها لهذه العلة مع ايجاب القياس علينا في الوجوه كلها لان بكل طريق من هذه الطرق نصل إلى المعرفة بتحريم النبيذ فمن دفع جواز العبادة بأحدها كمن دفع جواز ورودها بسايرها ولما ذكرناه أمثال في العقليات لأنه لا فرق في العلم بوجوب تجنب سلوك بعض الطرق بين أن نعلم فيه سبعا مشاهدة وبين أن نعلمه بخبر يوجب العلم أو خبر يقتضى الظن ولا فصل بين جميع ذلك في الحكم الذي ذكرناه وبين أن ينص لنا على صفة الطريق الذي فيه السبع أو ينصب لنا امارة على تلك الصفة فاما من أحاله من حيث تعلق بالظن الذي يخطى ويصيب فينقض قوله بكثير من الاحكام في العقل والشرع يتعلق بالظن الا ترى انا نعلم بالعقل حسن التجارة عند ظن الربح ونعلم قبحها عند الظن بالحسن ان نعلم قبح سلوك الطريق عندنا غلبة الظن بان فيه سبعا أو لصا أو ما يجرى مجراهما ونعلم وجوب النظر في طريق معرفة الله عند دعا الداعي أو الخاطر الذي يحصل عنده الظن والخوف ووجوب معرفة الرسل والنظر في معجزاتهم على هذه الوجه فاما تعلق الاحكام الشرعية بالظن فأكثر من أن تحصى نحو وجوب التوجه إلى القبلة عند الظن بأنها في جهة مخصوصة وتقدير النفقات وأرش الجنايات وقيم المتلفات والعمل بقول الشاهدين
(٨٤)