ويبطل ذلك زايدا على ما تقدم انهم اختلفوا فيما لا يسوغ فيه الصلح لتعلقه بتحريم الفروج وتحليلها كمسألة الحرام والايلاء ولان ما يقال من طريق الصلح لا يفرع عليه ويبنى بحسبه المذاهب ولأنهم اختلفوا في مواضع لا يصح أن يقال فيها بأقل ما قيل ولأنهم قد اختلفوا فيما زاد على أقل ما قيل وقالوا أيضا بأقاويل كلها خارجة عما في أصل العقل ولو قالوا أيضا لنص لوجب أن يظهر لان الدواعي إلى اظهاره قوى وإذا ثبت ذلك من حالهم فهم (بين) قائل بالقياس ومصوب لقائله غير منكر عليه فصاروا مجمعين على القول به واجماعهم حجة ولا يجوز أن ينعقد على خطاء فيقال لهم لنا في الكلام عليهم وجهان أحدهما أن نبين بطلان ما حكمتم به وقطعتم عليه من ان القول من المسائل التي ذكرتموها لم يكن الا بالقياس ونبين انه يحتمل أن يكون النص اما بظاهره أو دليله والاحتمال في هذا الموضع يكفى ويأتي على استدلالهم والوجه الاخر ان تنازع فيما ادعيتموه من ارتفاع النكير للقياس ونبين انه ورد عنهم من ذلك ما في بعضه كفاية وابطال لقول من يدعى خلافه ولنا أيضا إذا سلمنا انهم قالوا في تلك المسائل بالقياس وتجاوزنا عن الخلاف في ارتفاع النكير وفرضنا انه لم يكن ان نقول ارتفاع النكير لا يدل في كل موضع على الرضا والتسليم وانما يدل على ذلك إذا علمنا انه لا وجه لارتفاعه الا الرضا فاما مع تجويز كونه للرضا ولغيره فلا دلالة فيه غير ان هذه الطريقة يوحش من خالفنا في هذه المسألة لأنها تطرق عليهم فساد أصول هي أهم إليهم من الكلام فيها وينبغي أن يتجاوز عن هذا الكلام في هذا المعنى ويقتصر على الوجهين الذين قدمناهما لان الكلام في هذا الوجه له موضع غير هذا هو أليق به وقد ذكرناه في كتاب الإمامة مستوفا فيقال لهم لم زعمتم ان القول في المسائل التي عددتموها انما كان بالقياس فلم نجدكم اقتصرتم الا على الدعوى المجردة من برهان ولم إذا اختلفوا وتباينت أقوالهم وجب أن تستند تلك المذاهب إلى القياس وأنتم تعلمون ان الاختلاف في المذاهب المستندة إلى النصوص ممكن كإمكانه في المستندة إلى القياس ولم أنكرتم أن يكون كل واحد منهم انما ذهب إلى ما حكى عنه لتمسكه بدليل نص اعتقد انه دال على ما ذهب إليه فان قالوا (فان كانوا قالوا خ ر) بذلك للنصوص لوجب أن تنتقل تلك النصوص وتشتهر لان الدواعي تقوى إلى نقلها والاحتجاج بها قلنا أول ما نقوله انا لا نلزمكم أن يكونوا اعتمدوا في هذه المسائل نصوصا صريحة استدلوا بها على المذاهب التي اعتقدوها بل ألزمناكم ان يكونوا اعتمدوا فيها أدلة النصوص التي يحتاج فيها إلى ضرب من الاستدلال والتأول وسواء كانت تلك النصوص على هذه نصوصا ظاهرة للكل معلومة للجميع أو كانت مختصة فلا يجب ان تفرضوا كلامنا في غير ما فرضناه فيه على انا نقول لهم ولو كانوا اعتمدوا في ذلك على علة قياسية لوجب نقلها وظهورها لان الدواعي إلى نقل مذاهب (مذاهبهم خ ر) تدعو إلى نقل طرقهم (طرقها خ ر) وما به احتجوا وعليه عولوا وما نجد في ذلك رواية فان كان فقد ما اعتمدوه من دليل النص وارتفاع روايته دليلا على انهم قالوا بالقياس فكذلك يجب أن يكون فقدنا لرواية عنهم
(٩٥)