وله ظاهر فمتى خاطب الحكيم به ينبغي أن يحمل على ظاهره لأنه لو أراد غير ظاهره أو أراد بعضه لبينه والا كان قد دل على الشئ بخلاف ما هو به وذلك لا يجوز تصديق الكذاب واظهار المعجز على يده ولو جاز ذلك لجاز أن يخاطب بألفاظ الخاص ولا يريد حقيقتها ولا ظاهرها ويريد بها ضربا من المجاز ولا يبين وذلك يؤدى إلى أن لا نستفيد بالخطاب شيئا أصلا فاما من قال ان لفظ العموم مشترك فهو يجوز به تأخير بيان المراد به لأنه يكون مجملا عنده وقد بينا نحن خلاف ذلك وهذه جملة كافية في هذا الباب فصل في ان المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وان لم يسمع الخاص أو لا يجوز اعلم انه يجوز أن يسمع المخاطب العام دون الخاص ويلزمه طلب الخاص والبحث عنه في الأصول فان وجده حمل العالم عليه والا اعتقد ظاهره وهو مذهب النظام واحد قولي أبي هاشم وهو الذي يدل عليه قول الشافعي وغيره من الفقهاء وكان أبو على يقول ان تخصيص الخطاب إذا لم يكن بدليل ولا كان المخاطب به قد عرفه فإنه لا يجوز أن يسمع العام ولا يسمع الخاص بل يصرف عن سماع العام بضرب من الصرف وإذا اسمعه اسمع الخاص وكان يعتد لذلك بأن يقول ان خطابه إياه بالعام يبيح له اعتقاد ما لا يقتضيه ظاهره وذلك جهل ولا يجوز من الحكيم ان يبيح الجهل فيجب أن لا يحسن دون أن لا يسمعه الخاص وكان يقول ان ذلك بمنزلة خطاب العربي بالزنجية لان المراد به لا يصح أن يعلم في الحال وقد قال بهذا أبو هاشم أيضا وكان يقول باسماع المنسوخ دون الناسخ مثل ما ذكرناه أيضا والذي يدل على صحة المذهب الأول انا قد اتفقنا على انه يجوز أن يخاطب بالعام وان كان مخصوصا بدليل العقل (العقل) وان لم يستدل المخاطب على خصوصه بل يلزمه البحث عنه وانما حسن ذلك لأنه متمكن من معرفة ذلك فيجب أن يحسن أيضا ان يخاطب به إذا كان له تخصيص في الأصول لم يسمع لما كان متمكنا من معرفته بالنظر في الأصول وما ذكرناه قد اسقط ساير ما قدمناه لأنه إذا جاز عند من خالف أن يخاطب بالعموم وان لم يستدل على خصوصه بالعقل ولم يوجب ذلك إباحة الجهل والاجراء مجرى خطاب العربي بالزنجية فكك لا يلزمنا ان جوزنا ما قدمناه فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه اختلف أهل العالم في ان الحكم إذا علق بصفة الشئ هل يدل على ان حاله مع انتفاء ذلك الوصف بخلاف حاله مع وجوده أم لا يدل بل يحتاج إلى بيان و دليل سواه فذهب الشافعي وأكثر أصحابه إلى ان الحكم إذا علق في الموصوف بصفة دل على انتفاء ذلك الحكم إذا زالت تلك الصفة قاله في مسايل كثيرة ويجاوز بعضهم إلى أن قال ان الحكم إذا علق بعين دل على ان غيره بخلافه ومنهم من قال انه لا يدل على ان ما عداه بخلافه وهو الذي نصره أبو عبد الله البصري وحكاه عن أبي الحسن وهو قول أبي العباس ابن
(١٩)