عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ١١٦
آثروا الأئمة (ع) ولم يحك عن واحد من الأئمة (ع) النكير على أحد من هؤلاء ولا ايجاب القول بخلافه بل كانوا يصوبونهم في ذلك فمن خالف في ذلك كان مخالفا لما المعلوم خلافه فان قيل كما وجدناهم يرجعون إلى العلماء فيما طريقة الاحكام الشرعية وجدناهم أيضا كانوا يرجون إليهم في أصول الديانات ولم نعرف أحدا من الأئمة ولا من العلماء انكر عليهم ولم يدل ذلك على انه يسوغ تقليد العالم في الأصول قيل له لو سلمنا انه لم ينكر أحد منهم ذلك لم يطعن ذلك في هذا الاستدلال لان على بطلان التقليد في الأصول أدلة عقلية وشرعية من كتاب (كتابا) وسنة وغير ذلك وذلك كاف في النكير وأيضا فان المقلد في الأصول يقدم على ما لا يأمن أن يكون جهلا لان طريق ذلك الاعتقاد والمعتقد لا يتغير في نفسه عن صفة إلى غيرها وليس كذلك الشرعيات لأنها تابعة للمصالح ولا يمتنع أن يكون من مصلحتهم تقليد العلماء في جميع تلك الاحكام وذلك لا يتأتى في أصول الديانات و ان كان مخطئا في تقليده على ان الذي يقوى في نفسي ان المقلد للمحق في أصول الديانات وان كان مخطئا في تقليده غير مؤاخذ به وانه معفو عنه وانما قلنا ذلك لمثل هذه الطريقة التي قدمناها لأني لم أجد أحدا من الطائفة ولا من الأئمة (ع) قطع موالاة من سمع قولهم واعتقد مثل اعتقادهم وان لم يسند ذلك إلى حجة عقل أو شرع وليس لاحد أن يقول ان ذلك لا يجوز لأنه يؤدى إلى الاغراء بما لا يأمن أن يكون جهلا وذلك انه لا تؤدى إلى شئ من ذلك لان هذا المقلد لا يمكنه أن يعلم ابتداء ان ذلك سايغ له فهو خائف من الاقدام على ذلك ولا يمكنه أيضا ان يعلم سقوط العقاب عنه فيستديم الاعتقاد لأنه انما يمكنه أن يعلم ذلك إذا عرف الأصول وقد فرضنا انه مقلد في ذلك كله فكيف يعلم اسقاط العقاب فيكون مغرى باعتقاد ما لا يأمن كونه جهلا أو باستدامته وانما يعلم ذلك غيره من العلماء الذين حصل لهم العلم بالأصول و سبروا أحواله وان العلماء لم يقطعوا موالاتهم ولا أنكروا عليهم ولم يسغ ذلك لهم الا بعد العلم بسقوط العقاب عنه وذلك يخرجه عن باب الاغراء وهذا القدر كاف في هذا الباب ان شاء الله تعالى فصل في ان النبي (ع) هل كان مجتهدا في شئ من الاحكام وهل كان يسوغ ذلك له عقلا أم لا وان من غاب عن الرسول في حال حياته هل كان يسوغ له الاجتهاد أو لا وكيف حال من بحضرته في جواز ذلك اعلم ان هذه المسألة تسقط على أصولنا لأنا قد بينا ان القياس والاجتهاد لا يجوز استعمالها في الشرع وإذا ثبت ذلك فلا يجوز للنبي (ع) ذلك ولا لاحد من رعيته حاضرا كان أو غايبا لا حال حياته ولا بعد وفاته استعمال ذلك على حال واما على مذهب المخالفين لنا في ذلك فقد اختلفوا فذهب أبو على وأبو هاشم إلى انه لم يتعبد بذلك في الشرعيات ولا وقع منه الاجتهاد فيها وأوجبا كونه متعبدا بالاجتهاد في الحروب وحكى عن أبي يوسف القول بأن النبي (ع) قد اجتهد في الاحكام وذكر الشافعي في كتاب الرسالة ما يدل على انه يجوز أن يكون في احكامه ما قاله من جهة الاجتهاد وادعى أبو علي الاجماع على انه لم يجتهد النبي (ع) في شئ من الاحكام لم يجب ان تجعل أصلا ولا كفر من رده بل كان يجوز مخالفته كما يجوز مثل ذلك في أقاويل المجتهدين فلما ثبت كفر من رد بعض احكامه وخالفه
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125