عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ١٠١
فيه انما كان بالنصوص وأدلتها ليسلم دلالة ما رويناه على نفس القياس وما لا يزالون يتعلقون به في ذلك من قولهم ان المنكرين لذلك هم المستعملون له فلابد من حمل النكير على ما يوافق ما ظهر عنهم من استعمال القياس ضرورة أو من وجه لا يسوغ فيه التأويل ولا يدخله الاحتمال وانما ادعى ذلك عليهم وتعلق مدعيه بما لا ظاهر له ولا شهادة فيه بالقول بالقياس وأحسن أحواله أن يكون محتملا فكيف يصح ما ذكروه وهذه الجملة التي ذكرناها تسقط قولهم ان الرأي الذي أبوه هو الذي يصدر عن الهوى أو الذي يستعمل في غير موضعه وان أمير المؤمنين (ع) انما نفى أن يكون جميع الدين يؤخذ قياسا وكذلك أبو بكر انما استكبر استعماله الرأي في كتاب الله على وجه لا يسوغ فيه إلى غير ذلك مما يقولونه ويفزعون إليه لان كل ذلك منهم عدول عن الظاهر وتخصيص لاطلاقه وتأول لا يجب المصير إليه الا بعد القطع على صحة القياس وقول القوم به بما لا يحتمل التأويل فاما قول بعضهم انهم فعلوا ذلك تشددا واحتياطا للدين حتى لا يعول الفقهاء على القياس ويعدلوا عن تتبع الكتاب والسنة فظاهر السقوط وذلك ان التشديد لا يجوز أن يبلغ إلى انكار ما أوجبه الله تعالى أو فسخ فيه ولا يقتضى أن يخرجوا انكارهم المخرج الموهم لانكار الحق ولو كان ذلك غرضهم لوجب أن يصرحوا بذم العدول عن الكتاب والسنة والاعراض عن تأملهما والتشاغل بغيرهما من غير ان يطلقوا انكار القياس والرأي الذين هما عندكم أصلان من أصول الدين تاليان للكتاب والسنة والاجماع على انه يمكن أن (يقال) لهم مع تسليم ارتفاع النكير لم أنكرتم ان يكون بعض الصحابة الذين حكيتم عنهم الاختلاف في مسألة الحرام وغيرها قد رجع في مذهبه إلى القياس وهو من كان قوله منهم ابعد من أن يتناوله شئ من ظواهر الكتاب والسنة وأن يكون الباقون رجعوا في مذاهبهم إلى النصوص وأدلتها غير ان من ذهب إلى القياس منهم لم يظهر وجه قوله ولا علمت الجماعة انه قاله قياسا ولو علموا بذلك لأنكروه غير انهم لا يعلمونه وأحسنوا الظن بالقائل وظنوا انه لم يقل الا عن نص أو طريق يخالف القياس وليس يجب أن يكون وجه قول كل واحد منهم على التفصيل معلوما للجماعة ومتى أوجبوا ذلك ادعوه طالبناهم بالدليل على صحته ولن يجدوه و هذا أيضا مما لا انفكاك لهم منه واستدلوا أيضا بأن قالوا قد ظهر عن الصحابة القول بالرأي و إضافة المذاهب إليه ولفظة الرأي إذا أطلقت لم يفد القول بالحكم من طريق النص لان ما طريقه العلم لا يضاف إلى الرأي جليا كان الدليل أو خفيا ولا يستفاد من ذلك الا القول من طريق القياس والاجتهاد والاخبار الواردة في ذلك كثيرة ونحو ما روى عن أبي بكر في الكلالة أقول فيها برائي وقول عمر اقض فيها برائي وقوله هذا ما رأى عمر ونحو قول أمير المؤمنين عليه السلام في أمهات الأولاد كان رأى ورأى عمر الا يبيعن ثم رأيت بيعهن في هذه الجملة لا تدل على القياس والاجتهاد من الوجه الذي ذكرناه في اطلاق لفظة الرأي وإضافة المذهب إليه ولأنه أيضا لو كان رجوعهم فيما ذكرناه من اختلافهم
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125