بخلافه لان القايل انما لك عندي درهم يفهم من قوله وليس لك سواه وعلى الوجه تعلق ابن عباس في نفى الربا من غير النسية بقوله (ع) انما الربا في النسية وقد روى أيضا هذا الخبر بلفظ اخر وهو انه (ع) قال لا ماء الا من الماء وعلى هذا اللفظ لا شبهة في الخبر على ان الصحابة لم يبين جهة قولها في هذا الخبر انه منسوخ وهذا (وهل خ ل) النسخ يتناوله أو دليله أو ما علم منه بقرينة وقد علمنا ان المذكور من الحكم في اللفظ وهو وجوب الغسل بالماء من انزال الماء ليس بمنسوخ فمن اين ان النسخ تناول دليل هذا اللفظ أو ما علم منه بقرينة والجواب عن السابع ان آية التيمم وآية الكفارات بين فيها حكم الأصل وحكم البدل لأنه تعالى أوجب الطهارة عند وجوب الماء وأوجب التيمم عند عدمه وكذلك في الكفارة لأنه أوجب الرقبة في الأصل وعند عدمها أوجب الصيام فعلمنا حكم البدل والمبدل جميعا وليس لدليل الخطاب في هذا مدخل هذه المسألة أوردناها على وجهها لأنها مستوفاة وفيها بيان نصرة كل واحد من المذهبين وما يمكن الاعتماد عليه لكل فريق ولى في هذه المسألة نظر فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرايطه والفصل بينه وبين البداء النسخ في اللغة يستعمل على وجهين أحدهما بمعنى الإزالة كما يقال نسخت الشمس الظل ونسخت الريح اثارهم والاخر بمعنى النقل كما يق نسخت الكتاب وذهب أبو هاشم إلى انه حقيقة في الإزالة مجازا في النقل قال لان من نسخ الكتاب لم ينقل ما فيه وانما أثبت مثله فلما كان كذلك فيجب أن يكون مجازا والأولى ان يقال انه حقيقة فيهما لأنا وجدنا أهل اللغة يستعملون ذلك لأنهم يعتقدون ان ذلك نقل على الحقيقة وان كان اعتقادهم فاسدا ويجرى ذلك مجرى تسميتهم الأصنام بأنها آلهة لما اعتقدوا انها تستحق العبادة فاسدا فلو لزم هذا للزم أباها شم ان لا يكون أيضا حقيقة في الإزالة لان الريح في الحقيقة لا تزيل شيئا وانما الله تعالى يزيل بها وكذلك القول في الشمس فان اعتذر من ذلك بان قال لما اعتقدوا ان الريح هي التي تزيل في الحقيقة أضافوه إليها قيل له مثل ذلك في النقل سواء فاما استعمال هذه اللفظة في الشريعة فعلى خلاف موضوع اللغة وان كان بينهما تشبيها ووجه التشبيه ان النص إذا دل على ان مثل الحكم الثابت بالنص المتقدم زايل على وجه لولاه لكان ثابتا صار بمنزل المزيل لذلك الحكم لأنه لولاه لكان ثابتا فاجرى استعمال لفظ النسخ فيه مجرى الريح المزيلة للآثار هذا قول أبي هاشم وقال أبو عبد الله البصري ان هذه التسمية مستعملة على غير طريقة اللغة في الشريعة فهي لفظة شرعية منقولة عما وضعت له لان استعمالها في ذلك غير معقول في اللغة فهي كسائر الأسماء الشرعية فاما حد الدليل الموصوف بأنه ناسخ فهو ما دل على ان مثل الحكم الثابت بالمنسوخ الذي هو النص المتقدم غير ثابت في المستقبل على وجه لولاه لكان ثابتا بالنص الأول مع تراخيه عنه والموصوف بأنه هو منسوخ هو النص
(٢٥)